مثلا: عنوان " العالم " في قولنا: " يجب إكرام العالم " يستعمل فيمن تلبس بالمبدأ أبدا، سواء تحقق التلبس في الخارج أم لم يتحقق، فإنه قد فرض فيه وجود شخص متلبس بالعلم وحكم بوجوب إكرامه لا نعقل الانقضاء فيه ليتنازع في عموم الوضع له.
وعلى هذا الضوء يظهر أن استدلال الإمام (عليه السلام) بالآية المباركة على عدم لياقة عبدة الأوثان للخلافة غير مبتن على كون المشتق موضوعا للأعم ليصدق على من انقضى عنه المبدأ حقيقة، بل هو مبتن على نزاع آخر أجنبي عن نزاع المشتق، وهو: أن العناوين التي تؤخذ في موضوعات الأحكام ومتعلقاتها في القضايا الحقيقية هل تدور الأحكام مدارها حدوثا وبقاء، أم تدور مدار حدوثها فقط؟
والصحيح: أن الأحكام المترتبة على تلك العناوين تختلف حسب اختلاف الموارد ومقتضياتها.
ففي غالب الموارد تدور مدارها حدوثا وبقاء، وهذا هو المتفاهم منها عرفا، فإذا ورد النهي عن الصلاة خلف الفاسق يفهم منه عرفا أن عدم جواز الاقتداء به يدور مدار فسقه حدوثا وبقاء، فلو انتفى عنه الفسق فلا محالة ينتفي الحكم المترتب عليه أيضا.
وفي بعض الموارد لا يدور بقاء الحكم مدار بقاء عنوان موضوعه، بل يبقى بعد زوال العنوان أيضا، فالعنوان وإن كان دخيلا في حدوث الحكم إلا أنه لا دخل له في بقائه، ويعبر عنه ب " أن حدوثه علة محدثة ومبقية " وهذا كما في آيتي الزنا والسرقة، فإن وجوب القطع والجلد يحدثان عند حدوث التلبس بهذين المبدأين، ولكنهما لا يدوران مدار بقاء العنوان أصلا، ولا دخل لهذا بوضع المشتق للأعم أو للأخص.
وبتعبير واضح: أن العناوين التي تؤخذ في القضايا على أنحاء ثلاثة:
الأول: أن تلاحظ معرفة إلى الأفراد ومشيرة إليها من دون كونها دخيلة في