على نحو البت والجزم، وهذا بخلاف الاقتدار الحاصل من مباحث الحجج والأمارات، وهكذا...
وإذا كان الأمر كذلك فلا طريق لنا إلى إثبات جامع ذاتي، وحداني بين موضوعات هذه المسائل، لأن البرهان المزبور لو تم فإنما يتم في الواحد الشخصي البسيط بحيث لا يكون ذا جهتين أو جهات، فضلا عن كونه واحدا نوعيا، فإذا فرضنا أن الغرض واحد نوعي فلا يكشف إلا عن واحد كذلك، لا عن واحد شخصي.
وأما على الثالث: فالحال فيه أوضح من الثاني، فإن القاعدة المزبورة لو تمت فإنما تتم في الواحد الحقيقي، لا في الواحد العنواني، والمفروض أن الغرض في كثير من العلوم واحد بالعنوان لا بالحقيقة، فإن صون الفكر عن الخطأ في الاستنتاج في علم المنطق، وصون اللسان عن الخطأ في المقال في علم النحو، والاقتدار على الاستنباط في علم الأصول وهكذا ليس واحدا بالذات، بل بالعنوان الذي انتزع من مجموع أغراض متعددة بتعدد القواعد المبحوث عنها في العلوم ليشار به إلى هذه الأغراض.
فإذا كيف يكشف مثل هذا الواحد عن جامع ذاتي؟ فإن الواحد بالعنوان لا يكشف إلا عن واحد كذلك!
وثانيا: أن الغرض المترتب على كل علم لا يترتب على نفس مسائله الواقعية وقواعده النفس الأمرية ليكشف عن جامع وحداني بينها. ويقال: إن ذلك الجامع الوحداني موضوع العلم، ومؤثر في ذلك الغرض، وهذا لعله من أبده البديهيات، فإن لازم ذلك حصول ذلك الغرض لكل من كان عنده كتب كثيرة من علم واحد أو علوم مختلفة، من دون أن يكون عالما بما فيها من القواعد والمسائل!
بل هو مترتب على العلم بنسبها الخاصة، وبثبوت محمولاتها لموضوعاتها، فإن الاقتدار على الاستنباط في علم الأصول إنما يترتب على معرفة قواعده: بأن