نستعين) * التفت إلى أن العبادة والاستعانة منحصرتان به تعالى وتقدس، ولا يصلح غيره للعبادة والاستعانة. وإذا قرأ * (اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * التفت إلى أن طائفة قد خالفوا الله وعصوه عنادا، ولأجله وقع عليهم غضبه تعالى وسخطه، أو أنهم خالفوه بغير عناد فصاروا من الضالين، وهناك طائفة أخرى قد أطاعوا الله ورسوله فوقعوا في مورد نعمائه تعالى ورضاه. ففاتحة الكتاب بمجموع آياتها تكون عبرة وعظة للمصلين الملتفتين إلى معاني هذه الآيات.
ثم إذا وصل المصلي إلى حد الركوع والسجود فركع ثم سجد التفت إلى عظمة مقام ربه الجليل، وأن العبد لا بد أن يكون في غاية تذلل وخضوع وخشوع إلى مقامه الأقدس، فإنهما حقيقة العبودية، وأرقى معناها، ومن هنا كانت عباديتهما ذاتية.
ومن هنا كان في الركوع والسجود مشقة على العرب في صدر الإسلام، فالتمسوا النبي (صلى الله عليه وآله) أن يرفع عنهم هذا التكليف ويأمرهم بما شاء، وذلك لتضادهما الكبر والنخوة. وبما أن الصلاة تتكرر في كل يوم وليلة عدة مرات فالالتفات إلى معانيها في كل وقت اتي بها لا محالة تؤثر في النفس، وتصرفها عن الفحشاء والمنكر.
الثاني: أن الصلاة باعتبار أنها مشروطة بعدة شرائط فهي لا محالة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فإن الالتزام بإباحة المكان واللباس، وبالطهارة من الحدث والخبث - مثلا - يصرف المكلف عن كثير من المحرمات الإلهية.
وقد نقل عن بعض السلاطين: أنه كان يمتنع عن شرب الخمر لأجل الصلاة، وكيف ما كان فالصلاة باعتبار هاتين الجهتين ناهية عن عدة من المنكرات لا محالة.
فتلخص: أن تأثير الصلاة في النهي عن الفحشاء باعتبار هاتين الجهتين