فإطلاق لفظ " القمر " على حسن الوجه واستعماله فيه صحيح وإن فرض أن الواضع لم يأذن فيه، بل منع عنه (1)، هذا.
وذهب المشهور إلى الثاني، وأن ملاك صحة استعمال اللفظ في المعنى المجازي إذن الواضع وترخيصه، سواء أكان مما يقبله الطبع أم لا.
وعلى الجملة: فعلى القول الأول تدور صحة استعمال اللفظ في المعنى المجازي وعدم صحته مدار حسنه طبعا وعرفا، وعدم حسنه كذلك، سواء أكان هناك إذن نوعي من الواضع أيضا أم لم يكن.
وعلى القول الثاني تدور مدار الوضع النوعي وجودا وعدما، كان حسنا عند الطبع والعرف أيضا أم لم يكن.
والتحقيق في المقام أن يقال: إن البحث عن ذلك يبتني على إثبات أمرين:
الأول: وجود الاستعمالات المجازية في الألفاظ المتداولة بين العرف.
الثاني: انحصار الواضع بشخص واحد أو جماعة، وإلا فلا مجال لهذا البحث، فإنا إذا التزمنا بأن كل مستعمل واضع حسب تعهده فهو لم يتعهد إلا بإرادة المعنى الموضوع له عند عدم القرينة على الخلاف. وأما مع وجود القرينة فلا مانع من الاستعمال، وحيث لم يثبت كلا الأمرين فلا موضوع لهذا البحث.
أما عدم ثبوت الأمر الأول فلإمكان أن نلتزم بما نسب إلى السكاكي: من أن اللفظ يستعمل دائما في المعنى الموضوع له، غاية الأمر: أن التطبيق قد يكون مبتنيا على التنزيل والادعاء، بمعنى: أن المستعمل ينزل شيئا منزلة المعنى الحقيقي ويعتبره هو فيستعمل اللفظ فيه فيكون الاستعمال حقيقيا (2)، ولا بعد فيما نسب إليه، فإن فيه المبالغة في الكلام، الجارية على طبق مقتضى الحال.
وهذا بخلاف مسلك القوم، فإنه لا مبالغة فيه، إذ لا فرق - حينئذ - بين قولنا: