ولو كان يكفي مجرد العمل للاتصاف ب " الصحة " لكان يلزم عليهم في المثال المعروف - وهو ما إذا علم بأنه تكلم مع زيد، ويشك في أنه سبه أو سلم عليه - أن يقال: بأن أصل العمل معلوم، فيحمل على الصحة، فيعلم منه أنه كان سلاما، فيجب الرد، مع أنه مما لا يلتزم به الأخصي قطعا.
وهذا هو كذلك حتى فيما كان من قصده السلام، ولكنه لا يدري الأمر بعد ذلك. ويكفي لنا الشك في بناء العقلاء، فتدبر.
تنبيه: فيه بيان لثمرة متوهمة قد ذكروا لهذه المسألة الأصولية ثمرة أخرى، وهي أنه لو نذر إعطاء دينار لمن صلى، فعليه ذلك على الأعمي إذا صلى ولو كانت فاسدة، وليس عليه الوفاء والبر على الأخصي (1).
وهذا من غريب الأمر، لأن متعلق النذر على الأعم إن كان أعم، فلا رجحان له، وإن كان أخص فهو كالأخصي.
ونظير ذلك في كل مورد وقع النهي عن الجمع بين الصلوات، كما في الجمعة في الأقل من فرسخ، وكما في الفرادى والجماعة إذا استلزم هتك الإمام، وكما في المرء والمرأة، فإنه على الأعمي لا بد من ترك الثانية، دون الأخصي.
وأنت خبير بما فيه، ولا ينبغي البحث حوله، ولا ينبغي جعله ثمرة لهذه المسألة، لأنه من قبيل استكشاف مفاد اللغة وحدود الموضوع له فيما لو نذر، وكأن العنوان بحسب اللغة غير واضح، فلا تغفل.