بل لنا البرهان على امتناعه، وذلك لأن هذا النحو من الوجود لا بد له من جاعل، لعدم كونه واجب الوجود، وحيث لا يتعلق به الجعل استقلالا - لأنه الربط بين الشيئين - فهو مجعول الشيئين.
ولا يعقل كونه مجعول الكثير مع أنه واحد بالشخص، ولا يكون أحدهما علة، لعدم المعين، ولزوم الترجيح بلا مرجح. فكونه مجعولا بتبع مجعولية الجوهر والعرض، لا يستلزم عدم كونه مجعولا للفاعل الموجب، كما في حرارة النار، فهي مجعولة النار بالضرورة.
فما اشتهر: من المقولات السبع النسبية (1)، إن رجع إلى وجود العرض الفاني في الجوهر وجودا فهو، وإلا فلا واقعية لها، بل النفس تخترع من المقايسات معاني كثيرة من غير كونها ذات مصاديق مستقلة، ولا مستتبعة، فلا تخلط.
شبهة حول كيفية نيل المعنى الاسمي من الحرفي بقي في المقام شئ وقد أشرنا إليه: وهو كيفية نيل المعنى الاسمي من المصاديق الحرفية، بل كيفية المعنى والمفهوم الجوهري من الموجودات التي هي عين الروابط لعللها ولو كانت روابط صدورية.
وهذه الشبهة لا تختص بالمعاني الخاصة، كالنسبة والربط، بل - على ما تقرر (2) - تشترك فيها سائر العناوين الاستقلالية، فيلزم إما كون جميع العناوين حروفا، وبه قيل: يشعر قوله: " من علمني حرفا فقد صيرني عبدا " (3) أي من علمني حرفية العوالم من رأسها إلى قدمها.