وتوهم: أن أصالة الصحة غير معقولة، لأن الشك في الصحة والفساد، دائما يرجع إلى الشك في الإخلال بالأجزاء والشرائط، والأصل مقدم عليها إذا كان متكفلا للإتيان بالشرائط والأجزاء، وعدم الإتيان بالموانع، فلا تصل إليها النوبة مطلقا. بل الصحة ليست قابلة للجعل والتعبد إلا بالتعبد في منشئها، كما لا يخفى (1).
لا يضر بالمقصود، لأن المراد من " أصالة الصحة " هو أن السيرة العقلائية على عدم الاعتناء بمثل هذا الشك، أي الشك في إتيان المأمور به بجميع الأجزاء والشرائط، فلا بد من مفروغية صورة العمل - وهي الصلاة - وإن شك في إتيان خصوصياتها، وهذا مما لا يمكن للأخصي، لأنه شاك في أن ما بيده صلاة.
نعم، إذا قلنا: بأن الأخصي هنا يقول: بأن المراد من " الصحة " الدخيلة في المسمى، هي الصحة عند العرف، لا الصحة عند الشرع، كان هو أيضا في مخلص من إجرائها، ويرجع عند ذلك الشك في إتيان الجزء غير الدخيل في المسمى عرفا، إلى مفاد " كان " الناقصة، وتصير القضية ثلاثية.
ولو قيل: بناؤه على الإتيان بالصلاة كاف في إجرائها، فإذا كان بانيا، وتلبس بالعمل، فبناء العقلاء على إتيانه بما قصده، وهي الصلاة (2).
قلنا: ما هو بناء العرف والعقلاء، هو الحمل على الصحيح، وهذا من الشواهد القطعية على بطلان مرامهم ومبناهم، وأما على فرض المبنى الفاسد، فلا يعهد من بنائهم شئ.
واستكشاف عنوان " الصلاة " بالحمل على الصحة، لأنه إذا كان عملا صحيحا فهو صلاة قهرا، للملازمة، غير ممكن، بل يستلزم الدور، لأنها في جريانها تتوقف على كون عنوان العمل " صلاة ".