المعلوم بحدوده، وينتزع عنوان " الصحة ".
وإن شئت قلت: ما هو المأمور به هو نفس الطبيعة، لإطلاق الدليل، ولو لم يكن إلا تلك الإطلاقات، كان الواجب ما صدق عليه تلك الطبيعة فقط. وإذا كانت الأدلة الخاصة متكفلة للقيود والشرائط لها، فلا بد من الإتيان بها مع تلك القيود، وإذا أتى بها فقد أسقط الأمر، وانتزع مما أتى به الصحة، وإذا شك في قيد لها يتمسك بتلك الإطلاقات.
فما في كلام العلامة الأراكي (قدس سره): " من أن المأمور به يضيق قهرا، لعدم الإطلاق له حتى يشمل الفاسد " (1) في محله، إلا أن ذلك لا يرجع إلى تعنونه بعنوان " الصحيح " فإنه غير معقول، لما مر في أن العناوين الكلية لا توصف بمثله (2)، بل غايته أن العقل يحكم بلزوم كون المأتي به على وجه ينتزع منه الصحة، وفيما نحن فيه يكون الأمر كذلك على الأعمي، بعد نفي جزئية المشكوك بالإطلاق.
ولا يكون كذلك على الأخصي، للزوم الدور، فإن الأعمي يجد أن ما بيده يكون إذا تحقق ينتزع منه " الصحة " فلا يتمسك بالإطلاق، والأخصي لا يجد ذلك، ورفع الوجوب المشكوك متوقف على كون ما بيده صلاة، وكونها صلاة متوقف على رفع المشكوك، وهو الدور الصريح كما لا يخفى.
وأما دفع الشبهة: بأن دليل المقيد وهو الصلاة الصحيحة، ليس العقل الارتكازي حتى يمنع من التمسك بالإطلاق، بل هو العقل النظري (3)، ففي غير مقامه، لأنه ممنوع صغرى وكبرى، والتفصيل في محاله.