عن الحنث فلا ينعقد النذر، لاشتراط القدرة على الحنث في عقده، فبالنذر يعجز عن الحنث، فيلزم من صحة النذر عدم صحته، وما كان كذلك فهو ممتنع عقلا. أو يلزم من النهي المولود من النذر المتوجه إلى العبادة، عدم النهي، وهو مستحيل (1).
أقول: لما كان في كلمات القوم مواقف للنظر، وفي تحريراتهم للمسألة جهات قصور، لا بأس بالإشارة الإجمالية إلى ما هو الحق في ضمن مباحث في المقام:
المبحث الأول: في انعقاد هذا النذر وعدمه، على القولين فنقول: قد يمكن دعوى عدم الانعقاد مطلقا، لأجل أن الإشكال المزبور مشترك الورود، ضرورة أن الأعمي ينذر ترك الصلاة الصحيحة، لا مطلق الصلاة، وهذا غير ممكن له الحنث فيه، وما لا يمكن الحنث فيه لا يمكن عقده (2).
ويمكن دعوى: أن النذر ينعقد على القولين، لأن المقصود للأعمي ترك الصلاة المستجمعة للشرائط والأجزاء، التي هي صحيحة لولا النذر، أي لولا النهي المتعلق بها من قبل النذر، وهذا قابل للحنث (3).
وأما الأخصي، فقد مر سابقا: أن الشرائط على ثلاثة أقسام، ومنها: الشرائط العقلية الدخيلة في الصحة، مثل عدم كون الصلاة مزاحمة بالأقوى، أو عدم كونها منهية عنها، وهذا القسم من الشرط خارج عندهم عن حريم النزاع (4). فالأخصي والأعمي هنا سيان من هذه الجهة، فكما هو يتمكن من الحنث، هو أيضا مثله.