تمهيد لما كان الوضع حقيقة ذات إضافة إلى الواضع تارة، وإلى لحاظه أخرى، وإلى الموضوع له ثالثة، وتكون ذات وحدة نوعية قابلة للقسمة إلى الكثير من جهة التعين والتعيين، ومن جهة النوعي والشخصي، وغير ذلك، يقع البحث فيه من جهات.
وقبل ذلك نقدم مقدمة: وهي أن المقصود هنا ليس تفتيش حال لفظة " وضع " وأنه معناه أي شئ؟ حتى يستظهر من هذه اللغة ما هو المقصود الأساسي في البحث، ضرورة أنه كما يمكن عنوان المبحث بالوجه المعروف، يمكن عنوان المبحث بعناوين أخرى مرادفة معه في المعنى، أو متقاربة معه فيه، فليس النظر في مفهومه بالحمل الأولي.
فالذي هو موضوعنا، ومحل فحصنا، ومورد النظر لنا: هو أن مجتمع البشر الآن ذو شؤون كثيرة، ومن شؤونهم التوصل إلى اللغات والألفاظ - التي هي ليست إلا حركات وأصوات خاصة - لإدارة السياسات الفردية والاجتماعية، والتمسك بالجمل والمفردات لإبراز ما يراد إلقاؤه، وهذا أمر واقع بين أيدينا في كل صباح ومساء.