تذنيب: في أن الانسان عين الناطق وليس مركبا قضية ما تحرر في محله: أن شيئية الشئ بصورته، ولا تكون الجواهر إلا أن جوهريتها وحقيقتها بفصلها الأخير، وصورتها الأخيرة، وهي الصورة الوحدانية البسيطة، فلو كان مفهوم المشتق بسيطا، يلزم كون حقيقة الانسان مركبة من الحيوان والنطق، مع أن تلك الحقيقة عين النطق، وعين الإدراك، وليس الإدراك زائدا على ذاته، لأن علم المجرد بذاته حضوري، وهذا حاصل بحضورها لدى ذاتها.
فعليه يرجع معنى " الانسان حيوان ناطق " إلى أن الانسان حيوان ذو إدراك، لا أنه حيوان، وإدراك، حتى يكون مركبا في حقيقته، ولأجل ذلك جئ في تحديد الحقائق - عند بيان فصلها الأخير - بالعناوين الاشتقاقية.
ومن هنا يعلم: أن " الناطق " عين حقيقة الانسان، لرجوعه إلى أنه ذات تمام حقيقتها الإدراك، فما اشتهر من الإشكال في أخذ " الناطق " فصلا: " من أنه إما نطقه المسموع، أو نطقه العلمي الإدراكي، وهو من مقولة الفعل، أو الانفعال، أو الكيف " (1) ناشئ من عدم الوصول إلى قصوى المسائل العقلية.
هذا آخر ما أردنا إيراده في هذه المسألة، وقد تمت بيد الفقير المفتاق إلى رحمة ربه الغني الخلاق، في ليلة الأربعاء من شهر شعبان المعظم، من العام الثامن بعد الثمانين بعد ثلاثمائة وألف، من الهجرة النبوية، على مهاجرها الصلاة والتحية.
والحمد لله أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا.