في غير محله، ضرورة أنه لو لم يكن حيثية الابتداء خارجية، لما كانت الحكاية عنها بعنوانها الاسمي - كقولنا: " مبدأ سيري البصرة " - صحيحة، مع أن الوجدان قاض بصحة ذلك، ولا يكون من الاستعمال المجازي، فيعلم منه أن ما هو في الخارج وإن لا يأتي في النفس وبالعكس، إلا أن مثابته مثابة الجوهر والعرض، فإن ما هو في الذهن عرض قائم حال بالنفس، جوهر في الخارج، من غير لزوم كون الجوهر والعرض معنى واحدا، فافهم وتدبر.
فذلكة المرام ونهاية الفكر في المقام هو السؤال من الأعلام عن مسألة كيفية أخذ النفس المفاهيم الاسمية من المعاني الحرفية، مع التباين والتفارق الجوهري بينهما، فكيف يؤخذ عنوان المعاني الحرفية من الروابط الخارجية التي نفس حقيقتها خارجية، مع أن العنوان المشار إليه مفهوم اسمي؟ فهل هذا يشهد على عدم الفرق بين تلك المعاني إلا حسب الأوطان، فلا يكون الفرق جوهريا، أو يشهد على أن تلك المفاهيم حرفية؟
أو كيف تكون تلك المفاهيم حاكية عن المباينات، فكيف يمكن الوضع العام والموضوع له الخاص؟! لأنه لا يعقل ذلك إلا بمرآتية العنوان الجامع الكاشف والحاكي عن مصاديقه، عرضية كانت، أو ذاتية، فعليه لا بد من تفويض الأمر إلى الملك العلام.
أو يقال بعد ذلك: بأن المعاني الحرفية في الأعيان تباين المعاني الاسمية فيها، ولا شبهة في أن الخارج مشغول بمعنيين: معنى اسمي ومعنى مرتبط واندكاكي، ولكنه كما تكون الطبيعة الواحدة، مختلفة الحكم بالجوهرية والعرضية في الخارج والذهن، هنا الأمر نظيره، ضرورة أن ما هو في الخارج وإن كان معنى اندكاكيا وربطيا، ولكن النفس القادرة على التجزئة والتحليل، وعلى أنحاء