والمقصود من " اعتباريتها " ليس أنها توجد بالحروف، كما هو الظاهر من القائلين بها (1) حتى الوالد المحقق - مد ظله - المفصل بين معانيها (2)، بل الحروف موضوعات، وتلك المعاني من قبيل أحكامها، أو أنها أسباب، وتلك المعاني مسبباتها، كما في أسباب العقود والإيقاعات، فإنه لا يعتبر عقيب كل سبب سبب اعتبار جزئي متعلق به، بل القضية المعتبرة كلية، ثم بعدما تحقق السبب أو موضوعها يترتب المسبب والحكم قهرا، كما عرفت آنفا.
وبذلك تنحل الشبهة في الاستعمال الإيجادي، ضرورة أن صحة الاستعمال موقوفة على وجود المستعمل فيه في المرتبة السابقة، فكيف يعقل تأخره عن الاستعمال وحدوثه به؟!
وإن شئت قلت: إن الاستعمال في الإخطاريات، هو إفناء اللفظ في المعنى، أو هو الاستثمار من العلق الموجودة بين الألفاظ والمعاني، أو هو تنجيز الوضع، وفي الحروف هو إيجاد العلامة، فإنها علامات على المعاني، وهكذا في جميع الإيجاديات، فتأمل.
الجهة الرابعة: في وضع الحروف ظاهر القوم ابتناء المسألة على التحقيق في المعاني الحرفية، فإن كانت معاني كلية كالاسمية، فالموضوع له فيها عام، وإلا فهو خاص (3).
والذي هو الحق: أن المعاني الحرفية من أنحاء الوجودات، ولا تكون إلا