الجهة الأولى في حقيقة الوضع المحكي عن ابن عباد: أن الأمر المتوسط بين اللغات والمعاني مفقود، بل المعاني من لوازم ذات اللغات (1)، كلوازم الماهيات.
أو يقال: إن الأمر المتوسط بينهما، هي السنخية الواقعية الخارجة عن قدرة الناس، والناس يتوهمون أنهم جاعلون الألفاظ حذاء المعاني، أو هم متخيلون أن الأمر بيدهم في تعهدهم وتبانيهم، بل الواقع ونفس الأمر بيد الله تعالى، وبين الأسماء والمسميات جهات طبيعية وواقعية، يكون الواضع الجزء الأخير من العلل المادية والغيبية في الوضع والجعل، أي الإبراز والإظهار بتلك الطريقة الوهمية، وهو الانشاء ف " الأسماء تنزل من السماء ".
ومما يعرب عن ذلك، العلوم الغريبة التي هي من القطعيات عند أربابها، ومن يطعن فيها فلعدم اطلاعه، و " إن الانسان عدو لما جهله " فإن تلك العلوم على مباني الأسماء كثيرا، بل كلا، فلا تكون الروابط الطبيعية والسنخيات الواقعية بين الأشياء،