المقام الأول: في دلالة الفعل على الزمان قد اشتهر عن النحاة، أن هيئة الفعلين الماضي والمضارع، تدل على صدور الفعل من الفاعل، أو اتصاف الفاعل بالفعل في الزمان الماضي، وهيئة المضارع تدل على صدوره في الزمان المستقبل، أو اتصافه به فيه (1).
والمشهور بين المتأخرين من الأصوليين، خلو الأفعال طرا من الدلالة على الزمان (2)، وهذا واضح في الأمر والنهي، والتفكيك بين الفعلين الماضي والمضارع وبين الأمر والنهي، خلاف الذوق، فتكون الأفعال كلها خالية منه.
وربما يقال: برجوع مقالة النحاة إليها، لعدم دلالة كلماتهم إلا على أن الأفعال تدل على المعاني مقترنة بأحد الأزمنة الثلاثة، ولفظة " الاقتران به " ربما تدل على أنهم أرادوا خروج الزمان عن المداليل المطابقية، ويكون من الدلالة الالتزامية (3).
وهذا يختص بالأفعال المسندة إلى الزمان، فلا يلزم على قولهم أيضا مجازية في إسنادها إلى المجردات ونفس الزمان.
وأما ما في " الكفاية " من تأييد المسألة " بأن المضارع مشترك معنوي بين الحال والاستقبال، ولا معنى له إلا أن يكون له خصوص معنى صح انطباقه على كل منهما، لا أنه يدل على مفهوم زمان يعمهما " (4) انتهى.
ويدل على الاشتراك المعنوي صحة قولنا: " زيد يضرب حالا وغدا " من غير الحاجة إلى الالتزام باستعمال اللفظ في الأكثر من معنى واحد.