وليس هذا من الأصل المثبت، لأن لازم إطلاقه ذلك، وإلا يلزم عدم إطلاقه، وهو خلف.
أقول: حل هذا الإشكال على مبني القوم مشكل. اللهم إلا أن يقال: بعدم الامتنان في إطلاقه، لأنه عند ذلك يتمسك بالبراءة عن أصل التكليف.
ووضوح بطلانه ليس لأجل الشبهة في الصناعة، بل هو لأجل قيام الضرورة على لزوم الصلاة عليه، وهذا يكشف عن فساد المبنى جدا.
وأما على مبنانا - من أن تقديم أدلة الأصول على الأدلة الأولية، لأجل أقوائية الملاك في المتزاحمين، وأن النسبة بين الطائفتين عموم من وجه - فلا ادعاء فليتدبر جيدا.
الثمرة الثالثة:
إن الأعمي يتمكن من التمسك بأصالة الصحة بعد العمل، إذا شك فيها، بخلاف الأخصي، لأن الشك المزبور على الأعمي، يرجع إلى الشك في إتيان ما هو الدخيل في المأمور به، بعد إحراز عنوان العمل وهي " الصلاة " وعلى الأخصي يرجع إلى الشك في عنوان العمل، وقد تقرر في محله: أنه لا تجري أصالة الصحة مع الشك في عنوان المأتي به (1).
وبعبارة أخرى: على الأخصي لا يعقل التفكيك بين عنوان " الصلاة " و " الصحيح " في الصدق، لأن ما ليس بصحيح عنده ليس بصلاة، وأما على الأعمي فيلزم التفكيك، فلا بد من كون مجرى أصالة الصحة أمره دائرا بين الصحة والفساد، لا الوجود والعدم، والأخصي يقول: بأن أمر الصلاة دائما دائر بين الوجود والعدم، فلا تصل النوبة إلى أصالة الصحة.