لفظ يوسف مثلا بعلاقة التضاد على من قبح منظره لا يوجب ملاحة وحسنا في الكلام ما لم يتوسط في البين ادعاء كونه عين الموضوع له لهذا اللفظ، كيف! ولو كان اطلاق لفظ يوسف على زيد الذي قبح منظره أو اطلاق لفظ أسد عليه لغاية جبنه استعمالا للفظ في غير ما وضع له من دون ان يتوسط الادعاء المشار إليه، لكان احضاره وايجاده في ذهن المخاطب بسبب هذا اللفظ مثل احضاره في ذهنه بلفظ زيد من دون أن يكون هناك ملاحة ولطافة زائدة.
(والحاصل) ان اللفظ يستعمل دائما في نفس ما وضع له، غاية الامر ان المراد الجدي اما أن يكون نفس الموضوع له حقيقة، واما أن يكون عينه أو من افراده ادعاءا وتنزيلا، ففي الحقيقة تنحل القضية المشتملة على استعمال مجازى إلى قضيتين: قضية منطوقة حكم فيها بثبوت المحمول للموضوع، وقضية ضمنية حكم فيها بكون المراد الجدي عين الموضوع له أو من افراده ادعاءا ومراتب اللطافة والمزية الموجودة في انحاء الاستعمالات المجازية انما هي بحسب درجات الحسن في مفاد القضية الثانية، فربما يكون الادعاء المذكور مما لا يقبله ذائقة الطبع، وربما يقبله ويستحسنه، وربما يصل ألى حد الاعجاز والخروج من طاقة البشر.
(وكيف كان) ففي جميع الموارد التي يدعى كونها من قبيل استعمال اللفظ في غير ما وضع له يكون اللفظ عندنا مستعملا في نفس ما وضع له، اما بلا توسيط ادعاء في البين كما في قولنا (ضربت زيدا) فان الضرب وان وقع على وجهه مثلا، ولكنه لم يستعمل لفظ زيد في الوجه ولم يتوسط في البين أيضا ادعاء كون وجه زيد نفسه، بداهة ان الضرب الواقع على وجه زيد واقع على زيد حقيقة بعد لحاظه موجودا وحدانيا من الرأس إلى القدم واما مع توسيط ادعاء كون المراد الجدي عين الموضوع له أو من افراده.
(ومما ذكرنا ظهر لك) ان المصحح لاستعمال اللفظ دائما هو الوضع ليس إلا، فإنه يستعمل دائما في نفس الموضوع له (نعم) حسن الكلام ولطافته في المجازات مستند إلى حسن الادعاء المذكور، وهو مقول بالتشكيك وربما يصل إلى حد الاعجاز، فصحة الاستعمال غير حسنه، والأولى مستندة إلى الوضع دائما ولا يوجد لها مراتب، بل يدور امرها بين الوجود والعدم، فإن كان وضع في البين صح الاستعمال وإلا فلا، (والثاني) يستند إلى الطبع