فهنا قضيتان موجبتان كليتان، وحيث إن ما اعتبروه أو لا هو القضية الأولى وكان مفادها منع الأغيار سموا مفادها بالاطراد من الطرد بمعنى المنع، ثم سموا مفاد عكسها (أعني القضية الثانية) بالانعكاس ولكنهما معتبران في التعاريف الحقيقية كما لا يخفى.
" ثم إنه " يرد على ما ذكره تعريفا للعموم (أولا) ان العموم وكذا الخصوص ليسا من صفات المفهوم والمعنى، بل هما من صفات اللفظ ولكن باعتبار المعنى ولحاظه.
(وثانيا) ان هذا التعريف لا يشمل العمومات التي هي بصيغ الجمع أو ما في معناه، فان لفظ العلماء مثلا يشمل زيدا وعمرا وبكرا إلى آخر الافراد، ولكنه لا يصلح لان ينطبق على كل واحد منها كما لا يخفى، (فالأجود ان يقال): انه عبارة عن كون اللفظ بحيث يشمل مفهومه لجميع ما يصلح ان ينطبق عليه مفهوم الواحد، فلفظة العلماء تتصف بالعموم من جهة كونها بحيث يشمل مفهومها لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه مفهوم واحدها أعني العالم فتدبر، (وقال في الكفاية أيضا ما حاصله): ان العموم بمعنى الشمول ليس في نفسه منقسما إلى الافرادي والمجموعي والبدلي، وانما ينقسم إلى هذه الأقسام باعتبار تعلق الحكم بالعام واختلاف كيفية تعلقه به، (فتارة) يتعلق به الحكم بنحو يكون كل فرد موضوعا على حدة، (وأخرى) بنحو يكون المجموع موضوعا واحدا، (وثالثة) بنحو يكون كل واحد موضوعا ولكن على البدل (انتهى).
(أقول): ما ذكره (قده) في غاية الفساد، فان الموضوع أعني العام قبل أن يلحقه الحكم بل وقبل ان يتصور الحكم ينقسم إلى الأقسام الثلثة بذاته. (1) (توضيح ذلك) ان المفهوم المتصور في الذهن اما جزئي واما كلى، ثم الكلى اما أن لا يجعل مرآتا لافراده بل ينظر في نفسه فهو العام المنطقي، واما ان يجعل مرآتا لها ووسيلة للحاظها وهو على ثلثة أقسام، فان الوجودات الملحوظة (بوسيلة هذه المرآة) متكثرة بذواتها