صدورهما عنه متعلقين بحيثيتين يمكن تفكيكهما خارجا وان أمكن تصادقهما أيضا، والعقل يحكم باستحالة الأول بالبداهة ولا يرى وجها لامتناع الثاني. (فان قلت): المجمع من حيث كونه مصداقا للحيثية المأمور بها متعلق للامر، ومن حيث كونه مصداقا للحيثية المنهى عنها متعلق للنهى فيلزم على القول بالجواز كونه بوحدته متعلقا للامر والنهى معا وهذا عين ما سلمت استحالته (أعني توجه البعث والزجر معا مع وحدة المكلف والمكلف والمكلف به وزمان الامتثال.) (قلت): الامر انما يكون لتحريك الداعي نحو ايجاد متعلقه والنهى لتحريك الداعي نحو تركه والانزجار عنه فلا يعقل تعلقهما بالوجود الخارجي بل الخارجية موجبة لسقوطهما من جهة حصول الامتثال أو العصيان، (ولو سلم) فلا نسلم كون الوجود الخارجي بشرا شره مبعوثا إليه ومزجورا عنه، بل المبعوث إليه نفس الحيثية الصلاتية مثلا، والمزجور عنه نفس الحيثية الغصبية من دون أن يكون للبعث سراية إلى متعلق الزجر أو بالعكس. والسر في ذلك أن الامر والنهى تابعان للإرادة والكراهة التابعتين للحب والبغض التابعين لادراك المصلحة والمفسدة، فمتعلق الحب مثلا نفس الحيثية التي أدرك العقل مصلحتها، ومتعلق الإرادة وكذا البعث نفس الحيثية المحبوبة، ولا سراية لهما إلى الحيثية المبغوضة ولا إلى سائر الحيثيات المتحدة مع ما تعلق به الحب واشتمل على المصلحة، كيف! والحيثيات المتحدة معها لا دخالة لها في الغرض الداعي إلى الامر فيلزم من اسراء البعث والوجوب إليها الجزاف الذي لا يرتكبه الموالى المجازية فضلا عن مولى الموالى جل جلاله، هذا حال الامر، وكذلك الكلام في طرف النهى فان المتعلق للزجر والكراهة والبغض نفس الحيثية التي أدرك مفسدتها.
(وبعبارة أخرى) الامر انما يكون للتسبب به إلى ايجاد ذي المصلحة، والنهى انما يكون للتسبب به إلى ترك ذي المفسدة فلا يعقل تعلقهما بغير ما اشتمل على المصلحة أو المفسدة من الحيثيات المتحدة معه.
(فان قلت): كيف لا يسرى البعث مثلا إلى الحيثيات المفردة مع أن مقتضى اطلاق المتعلق سرايته إليها، إذ ليس معنى اطلاقه الا كون جميع افراده موردا للحكم، والفرد ليس إلا عبارة عن مجموع الحيثيات المتحدة في الوجود.