ومثله في تقديم قوله في الإصابة مع مخالفة الأصل المذكور ما لو ادعى العنين إصابتها في المدة أو بعدها ثم إذا حلف على الإصابة وطلق وأراد الرجعة بدعوى الوطء الذي حلف عليه، قال في التحرير: الأقرب أنه لا يمكن وكان القول قولها في نفي العدة الوطء على قياس الخصومات من أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر، وإنما خالفناه في دعوى الإصابة لما ذكر من العلة وهي منتفية هنا كما لو اختلفنا في الرجعة ابتداء. وهذا التفريع لابن الحداد من الشافعية ووافقه الأكثر واستقر به العلامة في التحرير، وأورد عليه شهيد المسالك أنه مشتمل على الجمع بين المتناقضين وهو غير تام على أصولنا من اشتراط الدخول في صحة الايلاء، ولهذا قال الشهيد الأول - رحمه الله - في نكت الارشاد:
ما سمعنا فيه خلافا، وإنما فرعوه على أصلهم من عدم اشتراطهم الدخول، ومع ذلك فلهم وجه آخر لأنه يمكن من الرجعة ويصدق في الإصابة في الرجعة، كما يصدق فيها لدفع التفريق لأن في الرجعة استيفاء ذلك النكاح أيضا، وهذا أوجه.
الخامسة عشرة: إذا ظاهر ثم آلى صح الأمران عند جماعة وكذلك بالعكس فيكون هذا الفرع مرتبا على مطلق الجمع بين الظهار والايلاء فيلزمه حكمهما سواء قدم الظهار على الايلاء - كما وقع في كلام الأكثر - أم أخره لبقاء الزوجية الصالحة لايقاع كل منهما عليه وإن كانت قد حرمت بالسبب المتقدم فتحرم بالجهتين ولاتستباح بدون الكفارتين، لكن قد عرفت اختلاف المدتين في إمهاله لهما، فإن مدة الظهار ثلاثة أشهر ومدة الايلاء أربعة أشهر، فإذا انقضت مدة الظهار فرافعته ألزم بحكم الظهار خاصة، فإن اختار الطلاق فقد خرج من الأمرين، وإن اختار العود وعزم على الوطء لزمته كفارة الظهار، فإذا كفر ووطأ لزمته كفارة الايلاء أيضا بحنثه في يمينه، وإن توقفت كفارة الظهار على مدة تزيد على مدة الايلاء كما لو كان فرضه التكفير