ففيه: أن هذه الكلية لم تثبت، وعلى تقدير ثبوتها فيجوز تخصيصها بالنص على أنه لم يعتق عتقا مطلقا بل عتقا مشروطا بقيامه بالشرط، ومع المخالفة يعود في الرق كما جاء في عتق المكاتبة المشروطة، وليس ذلك إلا من جهة الشرط.
وأما القول الثالث الذي هو مختار ابن إدريس وقواه فخر المحققين في شرح القواعد - وهو صحة العقد وبطلان الشرط - فوجهه: أن العتق مستكمل الشرائط فتثبت صحته، وأما الشرط ففساده مختص به لأنه مخالف لمقتضى العتق، إذ من شأن العتق الصحيح أن لا ينتقض وفساد الشرط لا يتعدى إلى العتق إلا بدليل، كما ثبت في كثير من شرائط النكاح والبيوع الباطلة مع صحة الأنكحة والبيوع كما تقدم في كتاب البيع والنكاح لأنهما شيئان، ولا يلزم من فساد أحدهما لعارض وهو مخالفته المشروع بطلان الآخر لأن بناء العتق على التغليب كما قررناه غير مرة.
وبالجملة: أن المتبع في هذا كله هو الدليل الخاص، ولا دليل من النصوص لما سوى القول المشهور.
وأما ما وجهه ثاني الشهيدين في المسالك بطلانهما معا بأن العتق مجردا عن الشرط غير مقصود وبناء العتق على التغليب لا يدل على صحته من دون القصد فهو من باب معارضة الدليل من الأخبار بالاعتبار.
تتمة لو كان المشهور في العتق خدمة زمان معين وأخل المعتق بالخدمة المشترطة عليه تلك المدة لم يعد إلى الرق بذلك الاخلال، وليس للمشروط له مطالبته بالخدمة في مثل ذلك المدة للأصل وعدم كون الخدمة مثليا. وكذا ليس لورثته إلزامه بالخدمة لو مات المعتق المشترط لفوات الخدمة المعينة بالزمان.
وقد اختلفوا في أنه هل تثبت مثل أجرة الخدمة المشروطة للمالك أو ورثته؟ "