وأعجب منه ما وقع لجده في المسالك حيث قال بعد ذكره لرواية زرارة عن الباقر عليه السلام مريدا بها هذه الرواية المذكورة: وفي طريق الرواية ضعف بموسى ابن بكر فإنه واقفي غير ثقة وابن فضال فإنه فطحي وإن كان ثقة. مع أنه في باب الوصايا من التهذيب أوقفها على زرارة في موضع وأسندها إلى الباقر عليه السلام في آخر، فكيف مع هذه القوادح تثبت حكما مخالفا لأصول المذهب بل لاجماع المسلمين.
وفي هذا الكتاب أوصلها - يعني المصنف - إلى الباقر عليه السلام.
وفي نكت النهاية قال: إنها موقوفة على زرارة، وفي النافع جعلها حسنة، ولعله أراد غير الحسن المصطلح عليه بين أهل الحديث وهو أن تكون رواتها إمامية وفيهم من الممدوح غير المعدل، فإن أمرها ليس كذلك لما عرفت من حال رواتها، فهي ضعيفة لا حسنة، فإطراحها متعين.
ووجه التعجب يظهر مما سبق في كلامنا على السيد، فإن ابن فضال إنما كان في بعض طرقها لأن الشيخ قد رواها من ثلاثة طرق، ليس في الطريقين المذكورين في كلامنا ذكر لابن فضال، ولا في طريق الكافي أيضا، وفي الثلاثة مصرح بإمامها بأنه أبو جعفر عليه السلام، فإيراده لها مقطوعة في بعض المواضع غير مضر مع أن هذا لا يعد قطعا بل إضمارا، والاضمار غير مضر لأن الاضمار عائد إلى الإمام متعين حتى لو لم يصرح به في بقية هذه الطرق لحكمنا بكونه الإمام، فإن الاضمار في الأدلة إنما نشأ من اقتطار الأدلة بعضها من بعض، حيث إنهم في تلك الأصول كانوا يصدرون بالاسم الإمام مظهرا ثم يحيلون عليه بالاضمار، هذا إذا لم يصرح فكيف إذا صرح به في هذه الطرق كلها، فالتزام الاضمار فيه والقدح به في غاية البعد من أمثالهم، فالحق أن الرواية متكررة الأسانيد في أصول المعتبرة وهو الذي أوجب وصفها بالحسن على طريقة القدماء لأن مدار الحسن والصحة على القرائن التي من جملتها تعدد طرقها في الأصول المتعددة فهي بريئة من القدح المذكور.
والعجب من هؤلاء المتأخرين حيث قبلوا مثل هذه الأخبار وجعلوها الحجة