إلى أنهم على حال لا يعتد به لأن اليقين مقدور عليه وتحقق بمجيء الرسل * (والهدى) * فيه وجوه ثلاثة الأولى: القرآن الثاني: الرسل الثالث: المعجزات.
* (أم للإنسان ما تمنى) *.
ثم قال تعالى: * (أم للإنسان ما تمنى) * المشهور أن أم منقطعة معناه: أللإنسان ما اختاره واشتهاه؟ وفي * (ما تمنى) * وجوه الأولى: الشفاعة تمنوها وليس لهم شفاعة الثاني: قولهم * (ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى) * (فصلت: 50) الثالث: قول الوليد بن المغيرة * (لأوتين مالا وولدا) * (مريم: 77) الرابع: تمنى جماعة أن يكونوا أنبياء ولم تحصل لهم تلك الدرجة الرفيعة، فإن قلت هل يمكن أن تكون أم ههنا متصلة؟ نقول نعم والجملة الأولى حينئذ تحتمل وجهين أحدهما: أنها مذكورة في قوله تعالى: * (ألكم الذكر وله الأنثى) * (النجم: 21) كأنه قال ألكم الذكر وله الأنثى على الحقيقة أو تجعلون لأنفسكم ما تشتهون وتتمنون وعلى هذا فقوله تلك * (إذا قسمة ضيزى) * (النجم: 22) وغيرها جمل اعترضت بين كلامين متصلين ثانيهما: أنها محذوفة وتقرير ذلك هو أنا بينا أن قوله * ( أفرأيتم) * (النجم: 19) لبيان فساد قولهم، والإشارة إلى ظهور ذلك من غير دليل، كما إذا قال قائل فلان يصلح للملك فيقول آخر لثالث، أما رأيت هذا الذي يقوله فلان ولا يذكر أنه لا يصلح للملك، ويكون مراده ذلك فيذكره وحده منها على عدم صلاحه، فههنا قال تعالى: * (أفرأيتم اللات والعزى) * أي يستحقان العبادة أم للإنسان أن يعبد ما يشتهيه طبعه وإن لم يكن يستحق العبادة، وعلى هذا فقوله أم للإنسان أي هل له أن يعبد بالتمني والاشتهاء، ويؤيد هذا قوله تعالى: * (وما تهوى الأنفس) * أي عبدتم بهوى أنفسكم ما لا يستحق العبادة فهل لكم ذلك.
* (فلله الاخرة والاولى) *.
ثم قال تعالى: * (فلله الآخرة والأولى) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في تعلق الفاء بالكلام وفيه وجوه الأولى: أن تقديره الإنسان إذا اختار معبودا في دنياه على ما تمناه واشتهاه فلله الآخرة والأولى يعاقبه على فعله في الدنيا وإن لم يعاقبه في الدنيا فيعاقبه في الآخرة، وقوله تعالى: * (وكم من ملك) * إلى قوله تعالى: * (لا تغني شفاعتهم) * (النجم: 26) يكون مؤكدا لهذا المعنى أي عقابهم يقع ولا يشفع فيهم أحد ولا يغنيهم شفاعة شافع الثاني: أنه تعالى لما بين أن اتخاذ اللات والعزى باتباع الظن وهوى الأنفس كأنه قرره وقال إن لم تعلموا هذا فلله الآخرة والأولى، وهذه الأصنام ليس لها من الأمر شيء فكيف يجوز الإشراك وقوله تعالى: * (وكم من ملك) * على هذا الوجه جواب كلام كأنهم قالوا لا نشرك بالله شيئا، وإنما هذه الأصنام شفعاؤنا فإنها صورة ملائكة مقربين، فقال: * (وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا) * الثالث: هذه تسلية كأنه تعالى قال ذلك لنبيه حيث بين رسالته ووحدانية الله ولم يؤمنوا فقال لا تأس * (فلله الآخرة والأولى) * أي لا يعجزون الله الرابع: هو ترتيب حق على دليله