قيل بمعنى واحد.
المسألة السادسة: قال تعالى: * (ولا تنابزوا) * ولم يقل لا تنبزوا، وذلك لأن اللماز إذا لمز فالملموز قد لا يجد فيه في الحال عيبا يلمزه به، وإنما يبحث ويتبعه ليطلع منه على عيب فيوجد اللمز من جانب، وأما النبز فلا يعجز كل واحد عن الإتيان به، فإن من نبز غيره بالحمار وهو ينبزه بالثور وغيره، فالظاهر أن النبز يفضي في الحال إلى التنابز ولا كذلك اللمز.
وقوله تعالى: * (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) *. قيل فيه إن المراد * (بئس) * أن يقول للمسلم يا يهودي بعد الإيمان أي بعد ما آمن فبئس تسميته بالكافر، ويحتمل وجها أحسن من هذا: وهو أن يقال هذا تمام للزجر، كأنه تعالى قال: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم ولا تلمزوا ولا تنابزوا فإنه إن فعل يفسق بعد ما آمن، والمؤمن يقبح منه أن يأتي بعد إيمانه بفسوق فيكون قوله تعالى: * (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) * (الأنعام: 82) ويصير التقدير بئس الفسوق بعد الإيمان، وبئس أن تسموا بالفاسق بسبب هذه الأفعال بعد ما سميتموهم مؤمنين.
قال تعالى: * (ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) * وهذا يحتمل وجهين أحدهما: أن يقال هذه الأشياء من الصغائر فمن يصر عليه يصير ظالما فاسقا وبالمرة الواحدة لا يتصف بالظلم والفسق فقال ومن لم يترك ذلك ويجعله عادة فهو ظالم وثانيهما: أن يقال قوله تعالى: * (لا يسخر قوم) * * (ولا تلمزوا) * * (ولا تنابزوا) * منع لهم عن ذلك في المستقبل، وقوله تعالى: * (ومن لم يتب) * أمرهم بالتوبة عما مضى وإظهار الندم عليها مبالغة في التحذير وتشديدا في الزجر، والأصل في قوله تعالى: * (ولا تنابزوا) * لا تتنابزوا أسقطت إحدى التاءين، كما أسقط في الاستفهام إحدى الهمزتين فقال: * (سواء عليهم أنذرتهم) * (البقرة: 6) والحذف ههنا أولى لأن تاء الخطاب وتاء الفاعل حرفان من جنس واحد في كلمة وهمزة الاستفهام كلمة برأسها وهمزة أنذرتهم أخرى واحتمال حرفين في كلمتين أسهل من احتماله في كلمة، ولهذا وجب الإدغام في قولنا: مد، ولم يجب في قولنا امدد، و (في) قولنا: مر، (دون) قوله: أمر ربنا.
ثم قال تعالى * (ياأيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله