بالتقصير فقال: * (يبتغون فضلا من الله) * ولم يقل أجرا.
وقوله تعالى: * (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) * فيه وجهان أحدهما: أن ذلك يوم القيامة كما قال تعالى: * (يوم تبيض وجوه) * (آل عمران: 106) وقال تعالى: * (نورهم يسعى) * (التحريم: 8) وعلى هذا فنقول نورهم في وجوههم بسبب توجههم نحو الحق كما قال إبراهيم عليه السلام: * (إني وجهت وجي للذي فطر السماوات والأرض) * (الأنعام: 79) ومن يحاذي الشمس يقع شعاعها على وجهه، فيتبين على وجهه النور منبسطا، مع أن الشمس لها نور عارضي يقبل الزوال، والله نور السماوات والأرض فمن يتوجه إلى وجهه يظهر في وجهه نور يبهر الأنوار وثانيهما: أن ذلك في الدنيا وفيه وجهان أحدهما: أن المراد ما يظهر في الجباه بسبب كثرة السجود والثاني: ما يظهره الله تعالى في وجوه الساجدين ليلا من الحسن نهارا، وهذا محقق لمن يعقل فإن رجلين يسهران بالليل أحدهما قد اشتغل بالشراب واللعب والآخر قد اشتغل بالصلاة والقراءة واستفادة العلم فكل أحد في اليوم الثاني يفرق بين الساهر في الشرب واللعب، وبين الساهر في الذكر والشكر.
وقوله تعالى: * (ذلك مثلهم في التوراة) * فيه ثلاثة أوجه مذكورة أحدها: أن يكون * (ذلك) * مبتدأ، و * (مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل) * خبرا له، وقوله تعالى: * (كزرع أخرج شطأه) * خبرا مبتدأ محذوف تقديره ومثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع وثانيها: أن يكون خبر ذلك هو قوله * (مثلهم في التوراة) * وقوله * (ومثلهم في الإنجيل) * مبتدأ وخبره كزرع وثالثها: أن يكون ذلك إشارة غير معينة أوضحت بقوله تعالى: * (كزرع) * كقوله * (ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين) * (الحجر: 66) وفيه وجه رابع: وهو أن يكون ذلك خبرا له مبتدأ محذوف تقديره هذا الظاهر في وجوههم ذلك يقال ظهر في وجهه أثر الضرب، فنقول أي والله ذلك أي هذا ذلك الظاهر، أو الظاهر الذي تقوله ذلك. وقوله تعالى: * (ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع) *. أي وصفوا في الكتابين به ومثلوا بذلك وإنما جعلوا كالزرع لأنه أول ما يخرج يكون ضعيفا وله نمو إلى حد الكمال، فكذلك المؤمنون، والشطء الفرخ و * (فآزره) * يحتمل أن يكون المراد أخرج