للابتداء، لأنا نقول هي موصوفة بدل عليه قوله * (وقول معروف) * فإنه موصوف فكأنه تعالى قال: * (طاعة) * مخلصة * (وقول معروف) * خير، وقيل معناه قالوا * (طاعة وقول معروف) * أي قولهم أمرنا * (طاعة وقول معروف) * ويدل عليه قراءة أبي * (يقولون طاعة وقول معروف) *. وقوله * (فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم) *. جوابه محذوف تقديره * (فإذا عزم الأمر) * خالفوا وتخلفوا، وهو مناسب لمعنى قراءة أبي كأنه يقول في أول الأمر قالوا سمعا وطاعة، وعند آخر الأمر خالفوا وأخلفوا موعدهم، ونسب العزم إلى الأمر والعزم لصاحب الأمر معناه: فإذا عزم صاحب الأمر. هذا قول الزمخشري، ويحتمل أن يقال هو مجاز كقولنا جاء الأمر وولى فإن الأمر في الأول يتوقع أن لا يقع وعند إظلاله وعجز الكاره عن إبطاله فهو واقع فقال * (عزم) * والوجهان متقاربان، وقوله تعالى: * (فلو صدقوا) * فيه وجهان على قولنا المراد من قوله طاعة أنهم قالوا طاعة فمعناه لو صدقوا في ذلك القول وأطاعوا * (لكان خيرا لهم) * وعلى قولنا * (طاعة وقول معروف) * خير لهم وأحسن، فمعناه * (لو صدقوا) * في إيمانهم واتباعهم الرسول * (لكان خيرا لهم) *.
ثم قال تعالى * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الارض وتقطعوا أرحامكم) *.
وهذه الآية فيها إشارة إلى فساد قول قالوه، وهو أنهم كانوا يقولون كيف نقاتل والقتل إفساد والعرب من ذوي أرحامنا وقبائلنا؟ فقال تعالى: * (إن توليتم) * لا يقع منكم إلا الفساد في الأرض فإنكم تقتلون من تقدرون عليه وتنهبونه والقتال واقع بينكم، أليس قتلكم البنات إفسادا وقطعا للرحم؟ فلا يصح تعللكم بذلك مع أنه خلاف ما أمر الله وهذا طاعة وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في استعمال عسى ثلاثة مذاهب أحدها: الإتيان بها على صورة فعل ماض معه فاعل تقول عسى زيد وعسينا وعسوا وعسيت وعسيتما وعسيتم وعست وعستا والثاني: أن يؤتى بها على صورة فعل مع مفعول تقول عساه وعساهما وعساك وعساكما وعساي وعسانا. والثالث: الإتيان بها من غير أن يقرن بها شيء تقول عسى زيد يخرج وعسى أنت تخرج وعسى أنا أخرج والكل له وجه وما عليه كلام الله أوجه، وذلك لأن عسى من الأفعال الجامدة واقتران الفاعل بالفعل أولى من اقتران المفعول لأن الفاعل كالجزء من الفعل ولهذا لم يجز فيه أربع متحركات في مثل قول القائل نصرت وجوز في مثل قولهم نصرك ولأن كل فعل له فاعل سواء كان لازما أو متعديا ولا كذلك المفعول به، فعسيت وعساك كعصيت وعصاك في اقتران الفاعل بالفعل