لا بعده، وأما اللام في قوله تعالى: * (ولتعرفنهم) * جواب لقسم محذوف كأنه قال ولتعرفنهم والله، وقوله * (في لحن القول) * فيه وجوه أحدها: في معنى القول وعلى هذا فيحتمل أن يكون المراد من القول قولهم أي لتعرفنهم في معنى قولهم حيث يقولون ما معناه النفاق كقولهم حين مجيء النصر إنا كنا معكم، وقولهم * (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن) * (المنافقون: 8) وقولهم * (إن بيوتنا عورة) * (الأحزاب: 13) وغير ذلك، ويحتمل أن يكون المراد قول الله عز وجل أي لتعرفنهم في معنى قول الله تعالى حيث قال ما تعلم منه حال المنافقين كقوله تعالى: * (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا) * (النور: 62) وقوله * (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) * (الأنفال: 2) إلى غير ذلك، وثانيها: في ميل القول عن الصواب حيث قالوا ما لم يعتقدوا، فأمالوا كلامهم حيث قالوا * (نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) * وقالوا * (إن بيوتنا عورة وما هي بعورة) * (الأحزاب: 13)، * (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار) * (الأحزاب: 15) إلى غير ذلك وثالثها: في لحن القول أي في الوجه الخفي من القول الذي يفهمه النبي عليه السلام ولا يفهمه غيره، وهذا يحتمل أمرين أيضا والنبي عليه السلام كان يعرف المنافق ولم يكن يظهر أمره إلى أن أذن الله تعالى له في إظهار أمرهم ومنع من الصلاة على جنائزهم والقيام على قبورهم، وأما قوله * (بسيماهم) * فالظاهر أن المراد أن الله تعالى لو شاء لجعل على وجوههم علامة أو يمسخهم كما قال تعالى: * (ولو نشاء لمسخناهم) * (يس: 67) وروي أن جماعة منهم أصبحوا وعلى جباههم مكتوب هذا منافق، وقوله تعالى: * (والله يعلم أعمالكم) * وعد للمؤمنين، وبيان لكون حالهم على خلاف حال المنافق، فإن المنافق كان له قول بلا عمل، والمؤمن كان له عمل ولا يقول به، وإنما قوله التسبيح ويدل عليه قوله تعالى: * (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) * (البقرة: 286) وقوله * (ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا) * (آل عمران: 193) وكانوا يعملون الصالحات ويتكلمون في السيئات مستغفرين مشفقين، والمنافق كان يتكلم في الصالحات كقوله * (إنا معكم) * (البقرة: 14) * (قالت الأعراب آمنا) * (الحجرات: 14)، * (ومن الناس من يقول آمنا) * (البقرة: 8) ويعمل السيء فقال تعالى الله يسمع أقوالهم الفارغة ويعلم أعمالكم الصالحة فلا يضيع.
ثم قال تعالى * (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) *.
أي لنأمرنكم بما لا يكون متعينا للوقوع، بل بما يحتمل الوقوع ويحتمل عدم الوقوع كما يفعل المختبر، وقوله تعالى: * (حتى نعلم المجاهدين) * أي نعلم المجاهدين من غير المجاهدين ويدخل في علم الشهادة فإنه تعالى قد علمه علم الغيب وقد ذكرنا ما هو التحقيق في الابتلاء، وفي قوله * (حتى نعلم) * وقوله * (المجاهدين) * أي المقدمين على الجهاد * (والصابرين) * أي الثابتين الذين لا يولون الأدبار وقوله * (ونبلوا أخباركم) * يحتمل وجوها أحدها: قوله * (آمنا) * (البقرة: 8) لأن المنافق وجد منه هذا الخبر