أو * (فعلم) * للتعقيب، * (فعلم) * وقع عقيب ماذا؟ نقول إن قلنا المراد من * (فعلم) * وقت الدخول فهو عقيب صدق، وإن قلنا المراد * (فعلم) * المصلحة فالمعنى علم الوقوع والشهادة لا علم الغيب، والتقدير يعني حصلت المصلحة في العام القابل * (فعلم ما لم تعلموا) * من المصلحة المتجددة * (فجعل من دون ذلك فتحا قريبا) * إما صلح الحديبية، وإما فتح خيبر، وقد ذكرناه وقوله تعالى: * (وكان الله بكل شيء عليما) * يدفع وهم حدوث علمه من قوله * (فعلم) * وذلك لأن قوله * (وكان الله بكل شيء عليما) * يفيد سبق علمه العام لكل علم محدث.
قوله تعالى * (هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا * محمد رسول الله والذين معه أشدآء على الكفار رحمآء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين ءامنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) *.
ثم قال تعالى: * (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا) *. تأكيدا لبيان صدق الله في رسوله الرؤيا، وذلك لأنه لما كان مرسلا لرسوله ليهدي، لا يريد ما لا يكون مهديا للناس فيظهر خلافه، فيقع ذلك سببا للضلال، ويحتمل وجوها أقوى من ذلك، وهو أن الرؤيا بحيث توافق الواقع تقع لغير الرسل، لكن رؤية الأشياء قبل وقوعها في اليقظة لا تقع لكل أحد فقال تعالى: * (هو الذي أرسل رسوله بالهدى) * وحكى له ما سيكون في اليقظة، ولا يبعد من أن يريه في المنام ما يقع فلا استبعاد في صدق رؤياه، وفيها أيضا بيان وقوع الفتح ودخول مكة بقوله تعالى: * (ليظهره على الدين كله) * أي من يقويه على الأديان لا يستبعد منه فتح مكة له و (الهدى) يحتمل أن يكون هو القرآن كما قال تعالى: * (أنزل فيه القرآن هدى للناس) * (البقرة: 185) وعلى هذا * (دين الحق) * هو ما فيه من الأصول والفروع، ويحتمل أن يكون الهدى هو المعجزة أي أرسله بالحق أي مع الحق إشارة إلى ما شرع، ويحتمل أن يكون الهدى هو الأصول و * (دين الحق) * هو الأحكام، وذلك لأن من الرسل من لم يكن له أحكام بل بين الأصول فحسب، والألف واللام في الهدى يحتمل أن تكون للاستغراق أي كل ما هو هدى، ويحتمل أن تكون للعهد وهو قوله تعالى: * (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء) * (الزمر: 23) وهو إما القرآن لقوله تعالى: * (كتابا متشابها مثاني تقشعر) * إلى أن قال: * (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء) * (الزمر: 23) وإما ما اتفق عليه الرسل لقوله تعالى: * (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) * (الأنعام: 90) والكل من باب واحد لأن ما في القرآن موافق لما اتفق