عن الكافر، نقول المراد عذابا عاجلا بأيديكم يبتدئ بالجنس إذ كانوا غير مقرنين ولا منقلبين إليهم فيظهرون ويقتدرون يكون أليما.
البحث الثاني: ما الحكمة في ذكر المؤمنين والمؤمنات مع أن المؤنث يدخل في ذكر المذكر عند الاجتماع؟ قلنا الجواب عنه من وجهين أحدهما: ما تقدم يعني أن الموضع موضع وهم اختصاص الرجال بالحكم لأن قوله * (تطئوهم فتصيبكم) * معناه تهلكوهم والمراد لا تقاتل ولا تقتل فكان المانع وهو وجود الرجال المؤمنين فقال: والنساء المؤمنات أيضا لأن تخريب بيوتهن ويتم أولادهن بسبب رجالهن وطأة شديدة وثانيهما: أن في محل الشفقة تعد المواضع لترقيق القلب، يقال لمن يعذب شخصا لا تعذبه وارحم ذله وفقره وضعفه، ويقال أولاده وصغاره وأهله الضعفاء العاجزين، فكذلك ههنا قال: * (لولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) * لترقيق قلوب المؤمنات ورضاهم بما جرى من الكف بعد الظفر.
ثم قال تعالى * (إذ جعل الذين كفروا فى قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شىء عليما) *.
* (إذ) * يحتمل أن يكون ظرفا فلا بد من فعل يقع فيه ويكون عاملا له، ويحتمل أن يكون مفعولا به، فإن قلنا إنه ظرف فالفعل الواقع فيه يحتمل أن يقال هو مذكور، ويحتمل أن يقال هو مفهوم غير مذكور، فإن قلنا هو مذكور ففيه وجهان أحدهما: هو قوله تعالى: * (وصدوكم) * (الفتح: 25) أي وصدوكم حين جعلوا في قلوبهم الحمية وثانيها: قوله تعالى: * (لعذبنا الذين كفروا منهم) * (الفتح: 25) أي لعذبناهم حين جعلوا في قلوبهم الحمية والثاني: أقرب لقربه لفظا وشدة مناسبته معنى لأنهم إذا جعلوا في قلوبهم الحمية لا يرجعون إلى الاستسلام والانقياد، والمؤمنون لما أنزل الله عليهم السكينة لا يتركون الاجتهاد في الجهاد والله مع المؤمنين فيعذبونهم عذابا أليما أو غير المؤمنين، وأما إن قلنا إن ذلك مفهوم غير مذكور ففيه وجهان أحدهما: حفظ الله المؤمنين عن أن يطئوهم وهم الذين كفروا الذين جعل في قلوبهم الحمية وثانيها: أحسن الله إليكم إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية، وعلى هذا فقوله تعالى: * (فأنزل الله سكينته) * تفسير لذلك الإحسان، وأما إن قلنا إنه مفعول به، فالعامل مقدر تقديره أذكر، أي: أذكر ذلك الوقت، كما تقول أتذكر إذ قام زيد، أي أتذكر وقت قيامه