في جهنم كل كفار عنيد مناع للخير) * إلى غير ذلك يوجب أن يكون الإلقاء خاصا بمن اجتمع فيه هذه الصفات بأسرها، والكفر كاف في إيراث الإلقاء في جهنم والأمر به، فنقول قوله تعالى: * (كل كفار عنيد) * ليس المراد منه الوصف المميز، كما يقال: أعط العالم الزاهد، بل المراد الوصف المبين بكون الموصوف موصوفا به إما على سبيل المدح، أو على سبيل الذم، كما يقال: هذا حاتم السخي، فقوله * (كل كفار عنيد) * يفيد أن الكفار عنيد ومناع، فالكفار كافر، لأن آيات الوحدانية ظاهرة، ونعم الله تعالى على عبده وافرة، وعنيد ومناع للخير، لأنه يمدح دينه ويذم دين الحق فهو يمنع، ومريب لأنه شاك في الحشر، فكل كافر فهو موصوف بهذه الصفات.
قوله تعالى * (الذى جعل مع الله إلها ءاخر فألقياه فى العذاب الشديد) *.
فيه ثلاثة أوجه أحدها: أنه بدل من قوله * (كل كفار عنيد) * (ق: 24) ثانيها: أنه عطف على * (كل كفار عنيد) * ثالثها: أن يكون عطفا على قوله * (ألقيا في جهنم) * كأنه قال: * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) * أي والذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه بعد ما ألقيتموه في جهنم في عذاب شديد من عذاب جهنم.
ثم قال تعالى:
* (قال قرينه ربنا مآ أطغيته ولكن كان فى ضلال بعيد) *.
وهو جواب لكلام مقدر، كأن الكافر حينما يلقى في النار يقول: ربنا أطغاني شيطاني، فيقول الشيطان: ربنا ما أطغيته، يدل عليه قوله تعالى بعد هذا * (قال لا تختصموا لدي) * (ق: 28) لأن الاختصام يستدعي كلاما من الجانبين وحينئذ هذا، كما قال الله تعالى في هذه السورة وفي ص * (قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم) * (ص: 60) وقوله تعالى: * (قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده) * إلى أن قال: * (إن ذلك لحق تخاصم أهل النار) * (ص: 61، 64) وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قال الزمخشري: المراد بالقرين في الآية المتقدمة هو الشيطان لا الملك الذي هو شهيد وقعيد، واستدل عليه بهذا. وقال غيره، المراد الملك لا الشيطان، وهذا يصلح دليلا لمن قال ذلك، وبيانه هو أنه في الأول لو كان المراد الشيطان، فيكون قوله * (هذا ما لدي عتيد) * (ق: 23) معناه هذا الشخص عندي عتيد متعد للنار اعتدته بإغوائي، فإن الزمخشري صرح في تفسير تلك بهذه، وعلى هذا فيكون قوله * (ربنا ما أطغيته) * مناقضا لقوله اعتدته وللزمخشري أن يقول الجواب: عنه من وجهين أحدهما: أن يقول إن الشيطان يقول اعتدته بمعنى زينت له الأمر وما ألجأته فيصح القولان من الشيطان وثانيهما: أن تكون الإشارة إلى حالين: ففي الحالة