النعمة كذلك، قال الله تعالى: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) * (المائدة: 3) وقال: * (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم) * ( البقرة: 47) وكذلك الهداية قال الله تعالى: * (يهدي إليه من يشاء) * فعمم، وكذلك النصر قال الله تعالى: * (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون) * (الصافات: 171، 172) وأما الفتح فلم يكن لأحد غير النبي صلى الله عليه وسلم، فعظمه بقوله تعالى: * (إنا فتحنا لك فتحا) * وفيه التعظيم من وجهين أحدهما: إنا وثانيهما: لك أي لأجلك على وجه المنة.
قوله تعالى * (هو الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والارض وكان الله عليما حكيما) *.
لما قال تعالى: * (وينصرك الله) * (الفتح: 3) بين وجه النصر، وذلك لأن الله تعالى قد ينصر رسله بصيحة يهلك بها أعداءهم، أو رجفة تحكم عليهم بالفناء، أو جند يرسله من السماء، أو نصر وقوة وثبات قلب يرزق المؤمنين به، ليكون لهم بذلك الثواب الجزيل فقال: * (هو الذي أنزل السكينة) * أي تحقيقا للنصر، وفي السكينة وجوه أحدها: هو السكون الثاني: الوقار لله ولرسول الله وهو من السكون الثالث: اليقين والكل من السكون وفيه مسائل:
المسألة الأولى: السكينة هنا غير السكينة في قوله تعالى: * (إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم) * (البقرة: 248) في قول أكثر المفسرين ويحتمل هي تلك المقصود منها على جميع الوجوه اليقين وثبات القلوب.
المسألة الثانية: السكينة المنزلة عليهم هي سبب ذكرهم الله كما قال تعالى: * (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) * (الرعد: 28).
المسألة الثالثة: قال الله تعالى في حق الكافرين * (وقذف في قلوبهم) * (الأحزاب: 26) بلفظ القذف المزعج وقال في حق المؤمنين * (أنزل السكينة) * بلفظ الإنزال المثبت، وفيه معنى حكمي وهو أن من علم شيئا من قبل وتذكره واستدام تذكره فإذا وقع لا يتغير، ومن كان غافلا عن شيء فيقع دفعة يرجف فؤاده، ألا ترى أن من أخبر بوقوع صيحة وقيل له لا تنزعج منها فوقعت الصيحة لا يرجف، ومن لم يخبر به وأخبر وغفل عنه يرتجف إذا وقعت، فكذلك الكافر أتاه الله من حيث لا يحتسب وقذف في قلبه فارتجف، والمؤمن أتاه من حيث كان يذكره فسكن، وقوله تعالى: * (ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) * فيه وجوه أحدها: أمرهم بتكاليف شيئا بعد شيء فآمنوا بكل وحد منها، مثلا أمروا بالتوحيد فآمنوا وأطاعوا، ثم أمروا بالقتال والحج فآمنوا وأطاعوا، فازدادوا إيمانا مع إيمانهم