* (لقد رأى من ءايات ربه الكبرى) *.
ثم قال تعالى: * (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم، رأى ليلة المعراج آيات الله، ولم ير الله، وفيه خلاف ووجهه: هو أن الله تعالى ختم قصة المعراج ههنا برؤية الآيات، وقال: * (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا) * إلى أن قال: * (لنريه من آياتنا) * (الإسراء: 1) ولو كان رأى ربه لكان ذلك أعظم ما يمكن، فكانت الآية الرؤية، وكان أكبر شيء هو الرؤية، ألا ترى أن من له مال يقال له: سافر لتربح، ولا يقال: سافر لتتفرج، لما أن الربح أعظم من التفرج.
المسألة الثانية: قال بعض المفسرين * (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) * وهي أنه رأى جبريل عليه السلام في صورته، فهل هو على ما قاله؟ نقول الظاهر أن هذه الآيات غير تلك، وذلك لأن جبريل عليه السلام وإن كان عظيما، لكن ورد في الأخبار أن لله ملائكة أعظم منه، والكبرى تأنيث الأكبر، فكأنه تعالى يقول: رأى من آيات ربه آيات هن أكبر الآيات، فإن قيل قال الله تعالى: * (إنها لإحدى الكبر) * (المدثر: 35) مع أن أكبر من سقر عجائب الله، فكذلك الآيات الكبرى تكون جبريل وما فيه، وإن كان لله آيات أكبر منه نقول سقر إحدى الكبر أي إحدى الدواهي الكبر، ولا شك أن في الدواهي سقر عظيمة كبيرة، وأما آيات الله فليس جبريل أكبرها ولأن سقر في نفسها أعظم وأعجب من جبريل عليه السلام فلا يلزم من صفتها بالكبر صفتها بالكبرى.
المسألة الثالثة: الكبرى صفة ماذا؟ نقول فيه وجهان أحدهما: صفة محذوف تقديره: لقد رأى من آيات ربه الآية الكبرى، ثانيهما: صفة آيات ربه وعلى هذا يكون مفعول رأى محذوفا تقديره رأى من الآيات الكبرى آية أو شيئا ثم قال تعالى:
* (أفرءيتم اللات والعزى * ومنوة الثالثة الاخرى) *.
لما قرر الرسالة ذكر ما ينبغي أن يبتدئ به الرسول وهو التوحيد ومنع الخلق عن الإشراك، فقوله تعالى: * (أفرأيتم) * إشارة إلى إبطال قولهم بنفس القول كما أن ضعيفا إذا ادعى الملك ثم رآه العقلاء في غاية البعد عما يدعيه يقولون انظروا إلى هذا الذي يدعي الملك، منكرين عليه غير مستدلين بدليل لظهور أمره، فلذلك قال: * (أفرأيتم اللات والعزى) * أي كما هما فكيف تشركونهما بالله، والتاء في اللات تاء تأنيث كما في المناة لكنها تكتب مطولة لئلا يوقف عليها فتصير هاء فيشتبه باسم الله تعالى، فإن الهاء في الله أصلية ليست تاء تأنيث وقف عليها فانقلبت هاء، وهي صنم كانت لثقيف بالطائف، قال الزمخشري هي فعله من لوى يلوي، وذلك لأنهم كانوا يلوون عليها، وعلى ما قال فأصله لوية أسكنت الياء