قد ذكرنا في سورة يس ما يتعلق بقوله: * (إنا نحن) *، وأما قوله: * (نحيي ونميت) * فالمراد من الإحياء الإحياء أولا * (ونميت) * إشارة إلى الموتة الأولى وقوله: * (وإلينا) * بيان للحشر فقدم * (إنا نحن) * لتعريف عظمته يقول القائل أنا أنا أي مشهور و * (نحيي ونميت) * أمور مؤكدة معنى العظمة * (وإلينا المصير) * بيان للمقصود.
* (يوم تشقق الارض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير) *.
وقوله تعالى: * (يوم تشقق الأرض عنهم سراعا) * العامل فيه هو ما في قوله * (يوم الخروج) * (ق: 42) من الفعل أي يخرجون يوم تشقق الأرض عنهم سراعا وقوله: * (سراعا) * حال للخارجين لأن قوله تعالى: * (عنهم) * يفيد كونهم مفعولين بالتشقق فكان التشقق عند الخروج من القبر كما يقال كشف عنه فهو مكشوف عنه فيصير سراعا هيئة المفعول كأنه قال مسرعين والسراع جمع سريع كالكرام جمع كريم.
قوله: * (ذلك حشر) * يحتمل أن يكون إشارة إلى التشقق عنهم، ويحتمل أن يكون إشارة إلى الإخراج المدلول عليه بقوله سراعا، ويحتمل أن يكون معناه ذلك الحشر حشر يسير، لأن الحشر علم مما تقدم من الألفاظ.
وقوله تعالى: * (علينا يسير) * بتقديم الظرف يدل على الاختصاص، أي هو علينا هين لا على غيرنا وهو إعادة جواب قولهم: * (ذلك رجع بعيد) * (ق: 3) والحشر الجمع ويوم القيامة جمع الأجزاء بعضها إلى بعض وجمع الأرواح مع الأشباح أي يجمع بين كل روح وجسدها وجمع الأمم المتفرقة والرمم المتمزقة والكل واحد في الجمع.
* (نحن أعلم بما يقولون ومآ أنت عليهم بجبار فذكر بالقرءان من يخاف وعيد) *.
فيه وجوه. أحدها: تسلية لقلب النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وتحريض لهم على ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصبر والتسبيح، أي اشتغل بما قلناه ولا يشغلك الشكوى إلينا فإنا نعلم أقوالهم ونرى أعمالهم، وعلى هذا فقوله: * (وما أنت عليهم بجبار) * مناسب له أي لا تقل بأني أرسلت إليهم لأهديهم، فكيف أشتغل بما يشغلني عن الهداية وهو الصلاة والتسبيح، فإنك ما بعثت مسلطا على دواعيهم وقدرهم، وإنما أمرت بالتبليغ، وقد بلغت فاصبر وسبح وانتظر اليوم الذي يفصل فيه بينكم. ثانيها: هي كلمة تهديد وتخويف لأن قوله: * (وإلينا المصير) * (ق: 43) ظاهر في التهديد بالعلم بعملكم لأن من يعلم أن مرجعه إلى الملك ولكنه يعتقد أن الملك لا يعلم ما يفعله لا يمتنع من القبائح، أما إذا علم أنه يعلمه وعنده غيبه وإليه عوده يمتنع فقال تعالى: * (وإلينا المصير) * و * (نحن أعلم) *