هذه الساعة، وأما بحث اللام فنؤخره إلى موضعه، وقد تقدم بعضه في تفسير قوله تعالى: * (والشمس تجري لمستقر لها) * (يس: 38) وقوله: * (هم) * غير خال عن فائدة، قال الزمخشري: فائدته انحصار المستغفرين، أي لكمالهم في الاستغفار، كأن غيرهم ليس بمستغفر، فهم المستغفرون لا غير، يقال فلان هو العالم لكماله في العلم كأنه تفرد به وهو جيد، ولكن فيه فائدة أخرى، وهي أن الله تعالى لما عطف * (وبالأسحار هم يستغفرون) * على قوله: * (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) * (الذاريات: 17) فلو لم يؤكد معنى الإثبات بكلمة * (هم) * لصلح أن يكون معناه: وبالأسحار قليلا ما يستغفرون، تقول فلان قليلا ما يؤذي وإلى الناس يحسن قد يفهم أنه قليل الإيذاء قليل الإحسان، فإذا قلت قليلا ما يؤذي وهو يحسن زال ذلك الفهم وظهر فيه معنى قوله: قليل الإيذاء كثير الإحسان، والاستغفار يحتمل وجوها. أحدها: طلب المغفرة بالذكر بقولهم ربنا اغفر لنا. الثاني: طلب المغفرة بالفعل، أي بالأسحار يأتون بفعل آخر طلبا للغفران، وهو الصلاة أو غيرها من العبادات. الثالث: وهو أغربها الاستغفار من باب استحصد الزرع إذا جاء أوان حصاده، فكأنهم بالأسحار يستحقون المغفرة ويأتيهم أوان المغفرة، فإن قيل: فالله لم يؤخر مغفرتهم إلى السحر؟ نقول وقت السحر تجتمع ملائكة الليل والنهار، وهو الوقت المشهود، فيقول الله على ملأ منهم: إني غفرت لعبدي، والأول أظهر، والثاني عند المفسرين أشهر. ثم قال تعالى:
* (وفى أموالهم حق للسآئل والمحروم) *.
وقد ذكرنا مرارا أن الله تعالى بعد ذكر تعظيم نفسه يذكر الشفقة على خلقه، ولا شك أن قليل الهجوع المستغفر في وجوه الأسحار وجد منه التعظيم العظيم، فأشار إلى الشفقة بقوله: * (وفي أموالهم حق) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: أضاف المال إليهم، وقال في مواضع: * (أنفقوا مما رزقكم الله) * (يس: 47) وقال: * (ومما رزقناهم ينفقون) * (الشورى: 38) نقول سببه أن في تلك المواضع كان الذكر للحث، فذكر معه ما يدفع الحث ويرفع المانع، فقال: هو رزق الله والله يرزقكم فلا تخافوا الفقر وأعطوا، وأما ههنا فمدح على ما فعلوه فلم يكن إلى الحرص حاجة.
المسألة الثانية: المشهور في الحق أنه هو القدر الذي علم شرعا وهو الزكاة وحينئذ لا يبقى هذا صفة مدح، لأن كون المسلم في ماله حق وهو الزكاة ليس صفة مدح لأن كل مسلم كذلك، بل الكافر إذا قلنا إنه مخاطب بفروع الإسلام في ماله حق معلوم غير أنه إذا أسلم سقط عنه وإن مات عوقب على تركه، وإن أدى من غير الإسلام لا يقع الموقع، فكيف يفهم كونه مدحا؟ نقول الجواب عنه من وجوه. أحدها: أنا نفسر بمن يطلب شرعا، والمحروم الذي لا مكنة