رحمة واسعة، وما حالكم في ذلك إلا حال ملك أعطى واحدا شيئا وقال لغيره ماذا تتمنى؟ فتمنى عليه بلدة واسعة وأموالا فأعطاه ووفاه، ثم زاد ذلك الأول أشياء أخرى من خزائنه فإن تأذى من ذلك يكون بخلا وحسدا، وذلك في الآخرة لا يكون، وفي الدنيا هو من صفة الأراذل، وقوله تعالى: * (إن الله غفور رحيم) * أي يغفر لكم ما قد سلف ويرحمكم بما أتيتم به.
ثم قال تعالى:
قثم قال تعالى * (إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله أولئك هم الصادقون) *.
إرشادا للأعراب الذين قالوا آمنا إلى حقيقة الإيمان فقال إن كنتم تريدون الإيمان فالمؤمنون من آمن بالله ورسوله ثم لم يرتابوا، يعني أيقنوا بأن الإيمان إيقان، وثم للتراخي في الحكاية، كأنه يقول آمنوا، ثم أقول شيئا آخر لم يرتابوا، ويحتمل أن يقال هو للتراخي في الفعل تقديره آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا فيما قال النبي صلى الله عليه وسلم من الحشر والنشر، وقوله تعالى: * (وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم) * يحقق ذلك، أي أيقنوا أن بعد هذه الدار دارا فجاهدوا طالبين العقبى، وقوله * (أولئك هم الصادقون) * في إيمانهم، لا الأعراب الذين قالوا قولا ولم يخلصوا عملا.
ثم قال تعالى * (قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما فى السماوات وما فى الارض والله بكل شىء عليم) *.
فإنه عالم به لا يخفى عليه شيء، وفيه إشارة إلى أن الدين ينبغي أن يكون لله وأنتم أظهرتموه لنا لا لله، فلا يقبل منكم ذلك.
ثم قال تعالى * (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان إن كنتم صادقين) *.
يقرر ذلك ويبين أن إسلامهم لمن يكن لله، وفيه لطائف الأولى: في قوله تعالى: * (يمنون عليك) *