مثل النبق وقيل في السماء السادسة، وورد في الخبر أنه صلى الله عليه وسلم قال: " نيقها كقلال هجر وورقها كآذان الفيلة " وقيل سدرة المنتهى هي الحيرة القصوى من السدرة، والسدرة كالركبة من الراكب عندما يحار العقل حيرة لا حيرة فوقها، ما حار النبي صلى الله عليه وسلم وما غاب ورأى ما رأى، وقوله * (عند) * ظرف مكان، أو ظرف زمان في هذا الموضع؟ نقول المشهور أنه ظرف مكان تقديره رأى جبريل أو غيره بقرب سدرة المنتهى وقيل ظرف زمان، كما يقال صليت عند طلوع الفجر، وتقديره رآه عند الحيرة القصوى، أي في الزمان الذي تحار فيه عقول العقلاء، والرؤية من أتم العلوم وذلك الوقت من أشد أوقات الجهل والحيرة، فهو عليه الصلاة والسلام ما حار وقتا من شأنه أن يحار العاقل فيه، والله أعلم.
المسألة الثالثة: إن قلنا معناه رأى الله كيف يفهم * (عند سدرة المنتهى) *؟ قلنا فيه أقوال: الأول: قول من يجعل الله في مكان وهو باطل، وقد بالغنا في بيان بطلانه في سورة السجدة الثاني: رآه محمد صلى الله عليه وسلم وهو * (عند سدرة المنتهى) * لأن الظرف قد يكون ظرفا للرائي كما ذكرنا من المثال يقال رأيت الهلال، فيقال لقائله أين رأيته؟ فيقول على السطح وربما يقول عند الشجرة الفلانية، وأما إن قلنا إن المراد جبريل عليه السلام فالوجهان ظاهران وكون النبي صلى الله عليه وسلم مع جبريل عند سدرة المنتهى أظهر.
المسألة الرابعة: إضافة السدرة إلى المنتهى من أي (أنواع) الإضافة؟ نقول يحتمل وجوها أحدها: إضافة الشيء إلى مكانه يقال أشجار بلدة كذا لا تطول من البرد ويقال أشجار الجنة لا تيبس ولا تخلو من الثمار، فالمنتهى حينئذ موضع لا يتعداه ملك، وقيل لا يتعداه روح من الأرواح وثانيها: إضافة المحل إلى الحال فيه، يقال: كتاب الفقه، ومحل السواد، وعلى هذا فالمنتهى عند السدرة تقديره سدرة عند منتهى العلوم ثالثها: إضافة الملك إلى مالكه يقال دار زيد وأشجار زيد وحينئذ فالمنتهى إليه محذوف تقديره سدرة المنتهى إليه، قال الله تعالى: * (إلى ربك المنتهى) * (النجم: 42) فالمنتهى إليه هو الله وإضافة السدرة إليه حينئذ كإضافة البيت إليه للتشريف والتعظيم، ويقال في التسبيح: يا غاية مناه، ويا منتهى أملاه.
* (عندها جنة المأوى) *.
ثم قال تعالى: * (عندها جنة المأوى) * وفي الجنة خلاف قال بعضهم جنة المأوى هي الجنة التي وعد بها المتقون، وحينئذ الإضافة كما في قوله تعالى: * (دار المقامة) * (فاطر: 35) وقيل هي جنة أخرى عندها يكون أرواح الشهداء وقيل هي جنة للملائكة وقرئ * (جنه) * بالهاء من جن بمعنى أجن يقال جن الليل وأجن، وعلى هذه القراءة يحتمل أن يكون الضمير في قوله * (عندها) * عائدا إلى النزلة، أي عند النزلة جن محمدا المأوى، والظاهر أنه عائد إلى السدرة وهي الأصح، وقيل إن عائشة أنكرت