المسألة الأولى: قال تعالى: * (أدخلوها بسلام) * (ق: 34) على سبيل المخاطبة، ثم قال: * (لهم) * ولم يقل لكم ما الحكمة فيه؟ الجواب: عنه من وجوه. الأول: هو أن قوله تعالى: * (أدخلوها) * مقدر فيه يقال لهم، أي يقال لهم * (أدخلوها) * فلا يكون على هذا التفاتا. الثاني: هو أنه من باب الالتفات والحكمة الجمع بين الطرفين، كأنه تعالى يقول: أكرمهم به في حضورهم، ففي حضورهم الحبور، وفي غيبتهم الحور والقصور. والثالث: هو أن يقال قوله تعالى: * (لهم) * جاز أن يكون كلاما مع الملائكة، يقول للملائكة: توكلوا بخدمتهم، واعلموا أن لهم ما يشاءون فيها، فأحضروا بين أيديهم ما يشاءون، وأما أنا فعندي ما لا يخطر ببالهم، ولا تقدرون أنتم عليه.
المسألة الثانية: قد ذكرنا أن لفظ * (مزيد) * (ق: 30) يحتمل أن يكون معناه الزيادة، فيكون كما في قوله تعالى: * (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) * (يونس: 26) ويحتمل أن يكون بمعنى المفعول، أي عندنا ما نزيده على ما يرجون وما يكون مما يشتهون:
* (وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا فى البلاد هل من محيص) *.
ثم قال تعالى: * (وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا) *.
لما أنذرهم بما بين أيديهم من اليوم العظيم والعذاب الأليم، أنذرهم بما يعجل لهم من العذاب المهلك والإهلاك المدرك، وبين لهم حال من تقدمهم، وقد تقدم تفسيره في مواضع، والذي يختص بهذا الموضع أمور. أحدها: إذا كان ذلك للجمع بين الإنذار بالعذاب العاجل والعقاب الآجل، فلم توسطهما قوله تعالى: * (وأزلفت الجنة للمتقين) * إلى قوله: * (ولدينا مزيد) * (ق: 31 - 35) نقول ليكون ذلك دعاء بالخوف والطمع، فذكر حال الكفور المعاند، وحال الشكور العابد في الآخرة ترهيبا وترغيبا، ثم قال تعالى: إن كنتم في شك من العذاب الأبدي الدائم، فما أنتم في ريب من العذاب العاجل المهلك الذي أهلك أمثالكم، فإن قيل: فلم لم يجمع بين الترهيب والترغيب في العاجلة، كما جمع بينهما في الآجلة، ولم يذكر حال من أسلم من قبل وأنعم عليه، كما ذكر حال من أشرك به فأهلكه نقول لأن النعمة كانت قد وصلت إليهم، وكانوا متقلبين في النعم، فلم يذكرهم به، وإنما كانوا غافلين عن الهلاك فأنذرهم به، وأما في الآخرة، فكانوا غافلين عن الأمرين جميعا، فأخبرهم بهما.
الثاني: قوله تعالى: * (فنقبوا في البلاد) *.
في معناه وجوه. أحدها: هو ما قاله تعالى في حق ثمود: * (الذين جابوا الصخر بالواد) * (الفجر: 9) من قوتهم خرق الطرق ونقبوها، وقطعوا الصخور وثقبوها. ثانيها: نقبوا، أي ساروا في الأسفار ولم يجدوا ملجأ ومهربا، وعلى هذا يحتمل أن يكون المراد أهل مكة، أي هم ساروا في الأسفار، ورأوا ما فيها من الآثار. ثالثها: * (فنقبوا في البلاد) * أي صاروا نقباء في الأرض أراد ما أفادهم