التأفيف لكما خاصة، ولأجلكما دون غيركما، وقرئ * (أتعدانني) * بنونين، وأتعداني بأحدهما وأتعداني بالإدغام، وقرأ بعضهم: أتعدانني بفتح النون كأنه استثقل اجتماع النونين والكسرين والياء، ففتح الأولى تحريا للتخفيف كما تحراه من أدغم ومن طرح أحدهما.
ثم قال: * (أن أخرج) * أي أن أبعث وأخرج من الأرض، وقرئ * (أخرج وقد خلت القرون من قبلي) * يعني ولم يبعث منهم أحد.
ثم قال: * (وهما يستغيثان الله) * أي الوالدان يستغيثان الله، فإن قالوا: كان الواجب أن يقال يستغيثان بالله؟ قلنا الجواب: من وجهين الأول: أن المعنى أنهما يستغيثان الله من كفره وإنكاره، فلما حذف الجار وصل الفعل الثاني: يجوز أن يقال الباء حذف، لأنه أريد بالاستغاثة ههنا الدعاء على ما قاله المفسرون * (يدعوان الله) * فلما أريد بالاستغاثة الدعاء حذف الجار، لأن الدعاء لا يقتضيه، وقوله * (ويلك) * أي يقولان له ويلك * (آمن) * وصدق بالبعث وهو دعاء عليه بالثبور، والمراد به الحث، والتحريض على الإيمان لا حقيقة الهلاك.
ثم قال: * (إن وعد الله) * بالبعث حق، فيقول لهما ما هذا الذي تقولان من أمر البعث وتدعوانني إليه * (إلا أساطير الأولين) *.
ثم قال تعالى: * (أولئك الذين حق عليهم القول) * أي حقت عليهم كلمة العذاب، ثم ههنا قولان: فالذين يقولون المراد بنزول الآية عبد الرحمن بن أبي بكر، قالوا المراد بهؤلاء الذين حقت عليهم كلمة العذاب هم القرون الذين خلوا من قبله، والذين قالوا المراد به ليس عبد الرحمن، بل كل ولد كان موصوفا بالصفة المذكورة؛ قالوا هذا الوعيد مختص بهم، وقوله * (في أمم) * نظير لقوله * (في أصحاب الجنة) * وقد ذكرنا أنه نظير لقوله: أكرمني الأمير في أناس من أصحابه، يريد أكرمني في جملة من أكرم منهم.
ثم قال: * (إنهم كانوا خاسرين) * وقرئ أن بالفتح على معنى آمن بأن وعد الله حق.
ثم قال: * (ولكل درجات مما عملوا) * وفيه قولان الأول: أن الله تعالى ذكر الولد البار، ثم أردفه بذكر الولد العاق، فقوله * (ولكل درجات مما عملوا) * خاص بالمؤمنين، وذلك لأن المؤمن البار بوالديه له درجات متفاوتة، ومراتب مختلفة في هذا الباب والقول الثاني: أن قوله * (لكل درجات مما عملوا) * عائد إلى الفريقين، والمعنى ولكل واحد من الفريقين درجات في الإيمان والكفر والطاعة والمعصية، فإن قالوا كيف يجوز ذكر لفظ الدرجات في أهل النار، وقد جاء في الأثر الجنة الدرجات، والنار دركات؟ قلنا فيه وجوه الأول: يجوز أن يقال ذلك على جهة التغليب الثاني: قال ابن زيد: درج أهل الجنة يذهب علوا، ودرج أهل النار ينزلوا هبوطا. الثالث: أن المراد بالدرجات المراتب المتزايدة، إلا أن زيادات أهل الجنة في الخيرات والطاعات، وزيادات أهل النار في المعاصي والسيئات.