المخلصين) * (الحجر: 40) وقوله تعالى: * (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) * (الحجر: 42) أي لم يكونوا من العباد، فجعلهم أهل العناد، ولو كان لهم في سبيلك قدم صدق لما كان لي عليهم من يد، والله أعلم.
المسألة الثالثة: كيف قال ما أطغيته مع أنه قال: * (لأغوينهم أجمعين) *؟ (الحجر: 39) قلنا الجواب عنه من ثلاثة أوجه وجهان: قد تقدما في الاعتذار عما قاله الزمخشري والثالث: هو أن يكون المراد من قوله * (لأغوينهم) * أي لأديمنهم على الغواية كما أن الضال إذا قال له شخص أنت على الجادة، فلا تتركها، يقال أنه يضله كذلك ههنا، وقوله * (ما أطغيته) * أي ما كان ابتداء الإطغاء مني.
* (قال لا تختصموا لدى وقد قدمت إليكم بالوعيد) *.
ثم قال تعالى: * (قال لا تختصموا لدي) *. قد ذكرنا أن هذا دليل على أن هناك كلاما قبل قوله * (قال قرينه ربنا ما أطغيته) * (ق: 27) وهو قول الملقى في النار ربنا أطغاني وقوله * (لا تختصموا لدي) * يفيد مفهومه أن الاختصام كان ينبغي أن يكون قبل الحضور والوقوف بين يدي.
وقوله تعالى: * (وقد قدمت إليكم بالوعيد) *. تقرير للمنع من الاختصام وبيان لعدم فائدته، كأنه يقول قد قلت إنكم إذا اتبعتم الشيطان تدخلون النار وقد اتبعتموه، فإن قيل ما حكم الباء في قوله تعالى: * (بالوعيد) *؟ قلنا فيها وجوه أحدها: أنها مزيدة كما في قوله تعالى * (تنبت بالدهن) * (المؤمنون: 20)، على قول من قال إنها هناك زائدة، وقوله * (وكفى بالله) * (النساء: 6) وثانيها: معدية فقدمت بمعنى تقدمت كما في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله) * (الحجرات: 1) ثالثها: في الكلام إضمار تقديره، وقد قدمت إليكم مقترنا بالوعيد * (ما يبدل القول لدي) * (ق: 29) فيكون المقدم هو قوله، ما يبدل القول لدي، رابعها: هي المصاحبة يقول القائل: اشتريت الفرس بلجامه وسرجه أي معه فيكون كأنه تعالى قال: قدمت إليكم ما يجب مع الوعيد على تركه بالإنذار.
* (ما يبدل القول لدى ومآ أنا بظلام للعبيد) *.
وقوله تعالى: * (ما يبدل القول لدي) * يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون قوله * (لدي) * متعلقا بالقول أي * (ما يبدل القول لدي) * وثانيهما: أن يكون ذلك متعلقا بقوله * (ما يبدل) * أي لا يقع التبديل عندي، وعلى الوجه الأول في القول الذي لديه وجوه أحدها: هو أنهم لما قالوا حتى يبدل ما قيل في حقهم * (ألقيا) * (ق: 24) بقول الله بعد اعتذارهم لا تلقياه فقال تعالى: ما يبدل هذا القول لدي، وكذلك قوله * (وقيل ادخلوا أبواب جهنم) * (الزمر: 72) لا تبديل له ثانيها: هو قوله * (ولكن حق القول مني لأملأن جهنم) * (السجدة: 13) أي لا تبديل لهذا