النبي تحريض المؤمنين على القتال، وترغيبهم في الجهاد، بذكر الثواب عليه، وذكر ما وعدهم الله من الظفر، وغير ذلك مما يشجع المؤمن على الجهاد. كما ويستفاد منها أنه يجب على المؤمنين قتال الكفار إذا كان عددهم عشر عدد الكفار، وأن عليهم أن يثبتوا في الحرب ولا يفروا، ثم خفف الله تعالى عليهم، فأوجب عليهم القتال إذا كان عدد الكفار ضعف عدد المؤمنين، فلو زاد الكفار على ذلك لم يجب على المؤمنين المقاومة ويجوز الفرار.
ثم إن قوله تعالى " إن يكن منكم... الخ " خبر معناه الأمر بمقاومة الواحد للعشرة، ووعدهم بالغلبة إن صبروا، ثم خفف عنهم فأمرهم بمقاومة الواحد للاثنين. ومما يدل على إرادة الأمر من الجملة الخبرية قوله تعالى: " الآن خفف الله عنكم " فإن التخفيف لا يكون إلا بعد التكليف.
وبعد هذا، فإذا كان التكليف الثاني يغاير الأول ويباينه باعتبار أن الأول أشد من الثاني وأصعب منه فلابد من القول بالنسخ.
ويؤيد هذا عدد من الأحاديث، منها: ما تقدم في تفسير النعماني عن علي (عليه السلام).
ومنها: ما عن شيخ الطائفة في التهذيب فقد روى بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان يقول: من فر من الرجلين في القتال من الزحف فقد فر، ومن فر من ثلاثة في القتال من الزحف فلم يفر (1).
ومنها: ما روي في الدر المنثور بطرق عديدة عن ابن عباس وغيره مما يقرب من المعنى المذكور.
وأما الإشكال على النسخ بأن الضعف لا يمكن أن يحدث في المسلمين بعدما كانوا أقوياء بل كانت قوتهم تزداد يوما فيوما فقد أجيب عنه بأن المراد من الضعف ليس ضعف العدة والعدة، بل المراد ضعف البصيرة واليقين، الذي يحدث حين يكثر المسلمون، ويختلط فيهم من هو أضعف يقينا وبصيرة.