أن الآية الأولى أفادت وجوب ثبات الواحد للعشرة، وأن الثانية أفادت وجوب ثبات الواحد للاثنين، وهما حكمان متعارضان، فتكون الثانية ناسخة للأولى.
وفي تفسير النعماني عن علي (عليه السلام): إن الله تعالى فرض القتال على الأمة، فجعل على الرجل الواحد أن يقاتل عشرة من المشركين، فقال: " إن يكن منكم ... الخ "، ثم نسخها سبحانه فقال: " الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن... " الآية، فنسخ بهذه الآية ما قبلها، فصار من فرض المؤمنين في الحرب، إذا كانت عدة المشركين أكثر من رجلين لرجل لم يكن فارا من الزحف.
وقال الطبرسي في تفسير مجمع البيان في معنى الآية: والمعتبر في الناسخ والمنسوخ بالنزول دون التلاوة. وقال الحسن: إن التغليظ على أهل بدر، ثم جاءت الرخصة.
ونجد في قبال هؤلاء من يقول بعدم النسخ، وقد حكاه الزرقاني بقوله: لا تعارض بين الآيتين ولا نسخ، لأن الثانية لم ترفع الحكم الأول، بل هي مخففة على معنى أن المجاهد إن قدر على قتال العشرة فله الخيار رخصة من الله له بعد أن اغتر المسلمون، وقد كان واجبا تعيينيا.
وقال الإمام الخوئي: والحق أنه لا نسخ في حكم الآية. وقال في وجهه ما حاصله: إن النسخ يتوقف على إثبات الفصل بين الآيتين نزولا، وإثبات أن الآية الثانية نزلت بعد مجئ زمان العمل بالأولى، ولا يستطيع القائل بالنسخ إثبات ذلك، هذا بالإضافة إلى أن سياق الآيتين أصدق شاهد على أنهما نزلتا مرة واحدة.
ونتيجة ذلك: أن حكم مقاتلة العشرين للمائتين استحبابي، ومن الممتنع أن يقال:
إن الضعف طرأ على المؤمنين بعد قوتهم، فإنه خلاف الواقع، فإن المسلمين صاروا أقوياء يوما فيوما (1).
كانت تلك بعض الكلمات حول الآية. والذي يظهر لنا هو أن الآية منسوخة بقوله تعالى " الآن... " الآية. وبيان ذلك: أن المستفاد من الآية هو أنه يجب على