لينسخ الأول بالثاني. نعم، إذا ماتت المرأة بالرجم أو الجلد ارتفع وجوب الإمساك في البيت لحصول غايته، وفيما سوى ذلك فالحكم باق ما لم يجعل الله لها سبيلا (1).
والذي يبدو لنا من ظاهر الآية هو أن المراد من قوله تعالى " الفاحشة " بحسب ما هو ظاهر لفظها - بقطع النظر عن الأخبار الواردة في تفسيرها - أنها ما تزايد قبحه وتفاحش، كما نص عليه في بعض المعاجم (2)، وهذا أمر عام يشمل كل ما تمارسه النساء الفواسق من منكرات، مثل المساحقة والزنا. فالآية مع عمومها وشمولها للمساحقة غير منسوخة بما دل على حد الزنا المخصوص به. نعم، يحتمل النسخ في حد الزنا فقط، لو قلنا بأن الحبس كان في بدء الإسلام حدا، ثم نسخ بالجلد. هذا لو نظرنا إلى الآية مع قطع النظر عن الروايات الواردة فيها.
وأما إذا توجهنا إلى الروايات المفسرة للآية - ولا محيص لنا عن الأخذ بها - فإننا نرى أن تلك الروايات قد فسرت الفاحشة بالزنا، واعتبرت الإمساك أنه الحد، ونذكر على سبيل المثال:
1 - ما رواه السيد هاشم البحراني بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كل سورة النور نزلت بعد سورة النساء، وتصديق ذلك: أن الله عز وجل أنزل عليه في سورة النساء " واللاتي يأتين الفاحشة... الخ " أما السبيل فقد ذكره تعالى في قوله " سورة أنزلناها " الآية (3).
2 - ما رواه العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله " واللاتي يأتين الفاحشة... الخ " قال: هذه منسوخة. قال: قلت: كيف كانت؟ قال (عليه السلام): كانت المرأة إذا فجرت فقام عليها أربعة شهود ادخلت بيتا، ولم تحدث ولم تكلم ولم تجالس، وأوتيت فيه بطعامها وشرابها حتى تموت، قلت: فقوله: " أو يجعل الله لهن سبيلا "؟ قال: جعل السبيل الجلد والرجم والإمساك في البيوت (4).