في البرهان الذي قال: إن القراءات السبع متواترة عند الجمهور، وقيل: بل هي مشهورة، والتحقيق أنها متواترة عن الأئمة السبعة، أما تواترها عن النبي (صلى الله عليه وآله) ففيه نظر (1).
ثانيا: ما قيل من أننا ولو سلمنا التواتر في الطبقات السابقة واللاحقة بهم لكن التواتر منقطع بهؤلاء المشايخ أنفسهم، لأنهم تفردوا برواية قراءاتهم لتلامذتهم.
ثالثا: أن طعن بعض العلماء على بعض القراء السبعة يكشف عن عدم التواتر، إذ لا يجوز الطعن في المتواتر. فقد نقل عن أحمد إمام الحنابلة أنه يكره أن يصلي خلف من يصلي بقراءة حمزة. وعن ابن مهدي أنه قال: لو كان لي سلطان على من يقرأ قراءة حمزة لأوجعت ظهره وبطنه (2).
رابعا: أن المراد من " نزول القرآن على سبعة أحرف " الوارد في الحديث ليس هو القراءات السبع، حتى تكون متواترة لتواتر حديث سبعة أحرف، بمعنى أن الدال على القراءات متواتر فتكون القراءات نفسها ثابتة لثبوت ما يدل عليها.
إذ من الواضح، أنه لا تلازم بينهما، إذ يمكن أن يكون الحديث متواترا والقراءات نفسها غير متواترة. هذا عدا عن أن المقصود به هو وجوه المعاني لا القراءات حسب ما أوضحناه.
وعن أبي شامة وابن عمار ومكي: أن من ظن أن القراءات السبع هي المذكورة في حديث " نزل القرآن على سبعة أحرف " فقد غلط غلطا عظيما، أو كان من الجهل، أو خلاف الإجماع (3).
وخلاصة القول: إن تواتر القراءات سبع كانت أو أكثر لم يثبت، ولا إجماع عليه لا عند الإمامية ولا عند غيرهم، فللباحث إذا أن يطلب دليلا على جواز القراءة بالقراءات كلا أو بعضا نفيا أو إثباتا، من دون أن يخاف من إجماع الأمة على التواتر.