الراجعة إلى المأكل والمشرب والمنكح والملبس، بل يعم الأرزاق المعنوية والروحانية، فينفقون من علومهم الدراسية والتجريبية، ومن المعارف والمكاشفات القرآنية والعرفانية، وأيضا هو الأعم من المال والولد، فينفقون في سبيل الله أموالهم وأولادهم وعلومهم ومعارفهم وهممهم وأفكارهم وغير ذلك، ويصح - على تعبير - إنفاق أنفسهم، لأن الوجود من الرزق ومن النعم الإلهية.
فما عن ابن عباس: بأنه الزكاة المفروضة (1)، وعن ابن مسعود: أنها نفقة الرجل على أهله، لأن الآية نزلت قبل وجوب الزكاة (2)، وعن الضحاك: هو التطوع بالنفقة فيما قرب من الله تعالى (3)، فكله خال عن التحصيل، لعدم الدليل. فعلى ما تقرر ثبت عموم الآية من جهات شتى:
الأولى: من جهة أن المؤمن بالغيب والمقيم للصلاة والمنفق أعم، ويشمل الصبيان والمميزين والمراهقين.
الثانية: أن الرزق أعم من الأرزاق المادية.
الثالثة: الإنفاق يكون أعم من كونه بنحو المباشرة والتوكيل والإيصاء، ولعل قوله تعالى: * (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت) * (4) ناظر إلى الوصية بالإنفاق.
الرابعة: أن المنفق عليه أعم من الجهات والأشخاص والمؤمنين