الإلهية كتمان أمر الولي المطلق بالاسم الصريح في الكتاب الإلهي، حتى يكمل الكتاب التدويني بالتطابق مع الكتاب التكويني، ويعلم الأصل الثالث لكافة أبناء الهداية وأفراد البشر، فكأنه تكفل ببيانه وتوضيحه على الوجه الآخر الأحسن، رعاية لجميع الجهات والجوانب، ومحافظة على أصل الإسلام من أعدائه، وصيانة للكتاب الإلهي عن الانحراف والتحريف والتوهين والتكذيب، ومع ذلك كان يجب أن لا يكون خاليا عن الحق الواضح والصراط السوي والهداية الكاملة، بل وعن الصورة الأخيرة التي بها شيئية الأشياء، ضرورة أن شيئية كل شئ بصورته الأخيرة وبكماله اللائق به، كما تقرر في مظانه.
فإذا تصدى لإبانة تلك الصورة القويمة على نعت الرمز والإجمال، وعلى وجه الكناية والإبهام، حتى يهتدي من يريد الله أن يهديه ويشرح صدره وقلبه للإسلام والإيمان * (فإنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء) * (1)، وإذا كانت الهداية من البوارق الملكوتية ومن الموائد الإلهية، فلا فرق بين كون المهتدى به مرموزا عليه أو مشروحا لديه.
وبالجملة: كما أن الناس ينقسمون بحسب أصل التوحيد إلى صنفين، والأكثر على الضلالة، وبحسب أصل الرسالة أيضا على طائفتين، وأكثرهم لا يعقلون، كذلك هم - حسب أصل الولاية - على قسمين، والغالب في الضلالة، فلا ثمرة في إفادة الأصل المزبور بالآيات البينات وبالسور الواضحات، بل كان يترتب عليه المفاسد الكثيرة، وهو اضمحلال الأصل