العظيم) *، فأفرد بالامتنان علي بفاتحة الكتاب، وجعلها بإزاء القرآن " (1)، ولو كان هذا الحديث مقطوع السند ومعلوم الصحة، لما كان هناك وجه لاختلاف المفسرين فيها بل لسلموا قطعا بأنها الفاتحة، وهذا مما لم يتسالموا عليه، كما مر تفصيله في أوائل هذا الكتاب.
وبالجملة: إن لهجة الآية تدل على الفخر والاعتزاز والإنعام، ولا نجد هناك وجها ومجالا للامتنان بالفاتحة، ووضعها في كفة ووضع القرآن العظيم في كفة أخرى.
وثانيا: يدل منطوق كلمة " مثاني " - الواردة مرة ثانية في سورة الزمر - على أنها هنا تشير إلى السور المبتدأة بالحروف المقطعة، وخاصة المكررة منها من أمثال " حم " و " ألم " و " ألر " و " طس "، وتشير آية الحجر إلى وحدة الحواميم، وعدها سبعا، وينطبق عليها وصف القرآن بكونه * (مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم) * بصورة قوية، ذلك لأن الحواميم هي أكثر سور القرآن احتواء للوعد والوعيد والعذاب والنار، وذلك بخلاف فاتحة الكتاب التي تشعر آياتها بالضراعة والهداية والسكينة، هذا فضلا عن أن مجموع آيات الحواميم السبع - وجميعها مكية - كانت تعادل - في دور من أدوار الوحي - جزءا كبيرا مما كان قد نزل من القرآن في ذلك الدور، يبرر وضعها في كفة وما نزل - وقتئذ - في كفة أخرى.
إذا تبين ذلك فانطباق كلمة " مثاني " على السور المبتدأة بالحروف