الوحدة، ومعنى الإفراط والتفريط في هذا المقام، هو الاحتجاب من الخلق بالحق وبالعكس.
وبين مقام التخلق بالأخلاق النفسانية، فإن العدالة هنا هو تعديل القوى الثلاثة الشهوية والغضبية والشيطانية، وهذه القوى الثلاثة أمهات الرذائل والأخلاق الفاسدة، فإن القوة الوهمية الشيطانية هي الأهواء النفسانية، والقوة الغضبية هي السبعية الحيوانية، والقوة الشهوية هي البهيمية الحيوانية، وتلك القوى تشتد وتضعف حسب الرياضات النفسانية والمعاصي والتخلف عن الشرائع الإلهية، وإذا كانت الثلاثة بين يدي العقل في الحد الوسط، فهو الكمال اللازم في هذه النشأة وأن لا يكون واحدة منها غالبة على الأخرى.
وربما تغلب إحداها على الأخرى، فعندئذ تحصل الأصول الممسوخة الملكوتية البالغة إلى السبعة:
أحدها: الصورة البهيمية، فإنها إذا غلبت على الأخريين يصير الباطن متصورا بصورتها، ويحشر حسب علم المعاد على إحدى صور البهائم كالحمار ونحوه، وذلك لأن ميزان الصور في النشأة الآخرة على الأخلاق والباطن، كما ورد في الأحاديث ما يومي إلى هذه التجسمات الأخلاقية.
ثانيها: الصورة السبعية، فإنها إذا استكملت النفس في تلك القوة، وتصورت بتلك الصورة ويحشر عليها، فيكون بشكل إحدى السباع في السلوك وفي البرازخ، وأحيانا إلى يوم القيامة، فأعاذنا الله تعالى من هذه التبعات ووفقنا على هدم بنيانها في هذه النشأة إن شاء الله تعالى.
ثالثها: الصورة الشيطانية، فالنفس إذا استكملت فيها القوة