الحرث، وكان رجلا أدلم، أحمر العينين، أسفع الخدين (1)، مشوه الخلقة، وكان ينم حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المنافقين، فقيل له: لا تفعل. فقال: إنما محمد أذن، من حدثه شيئا صدقه، نقول ما شئنا، ثم نأتيه ونحلف له فيصدقنا، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من أراد أن ينظر إلى الشيطان، فلينظر إلى نبتل بن الحرث، عن محمد بن إسحاق، وغيره.
وقوله: (يحلفون بالله لكم ليرضوكم) الآية، قيل: إنها نزلت في رهط من المنافقين، تخلفوا عن غزوة تبوك، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من تبوك، أتوا المؤمنين يعتذرون إليهم من تخلفهم، ويعتلون ويحلفون، فنزلت الآية، مقاتل، والكلبي. وقيل: في جلاس بن سويد وغيره من المنافقين، قالوا: لئن كان ما يقول محمد حقا، فنحن شر من الحمير، وكان عندهم غلام من الأنصار يقال له عامر بن قيس، فقال: والله! إنما يقول محمد حق، وأنتم شر من الحمير، ثم أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره، فدعاهم فسألهم فحلفوا أن عامرا كذاب، فنزلت الآية، عن قتادة، والسدي.
المعنى: ثم رجع سبحانه إلى ذكر المنافقين، فقال: (ومنهم) أي: ومن هؤلاء المنافقين (الذين يؤذون النبي) والأذى قد يكون بالفعل، وقد يكون بالقول، وهو هنا بالقول. (ويقولون هو أذن) معناه: إنه يستمع إلى ما يقال له، ويصغي إليه، ويقبله. (قل) يا محمد (أذن خير لكم) أي: هو أذن خير، يستمع إلى ما هو خير لكم، وهو الوحي. وقيل: معناه هو يسمع الخير، ويعمل به، ومن قرأ (أذن خير لكم) فمعناه: قل كونه أذنا أصلح لكم، لأنه يقبل عذركم، ويستمع إليكم، ولو لم يقبل عذركم لكان شرا لكم، فكيف تعيبونه بما هو خير لكم وأصلح؟
(يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين) معناه: إنه لا يضره كونه أذنا، فإنه أذن خير، فلا يقبل إلا الخبر الصادق من الله، ويصدق المؤمنين أيضا فيما يخبرونه، ويقبل منهم دون المنافقين، عن ابن عباس، فإيمانه للمؤمنين تصديقه لهم على هذا القول. وقيل: يؤمن للمؤمنين أي: يؤمنهم فيما يلقي إليهم من الأمان، ولا يؤمن للمنافقين بل يكونون على خوف، وان حلفوا (ورحمة للذين آمنوا منكم) أي: وهو