فسماه فقيرا، وجعل له حلوبة. وأجابوا عن السفينة بأنها كانت مشتركة بين جماعة، ولكل واحد منهم الشئ اليسير. وأيضا فإنه يجوز أن يكون سماهم مساكين على وجه الرحمة، كما جاء في الحديث: (مساكين أهل النار) وقال الشاعر:
مساكين أهل الحب حتى قبورهم عليها تراب الذل بين المقابر وقيل: إنهم كانوا يعملون عليها فأضيفت إليهم (والعاملين عليها) يعني سعاة الزكاة وجباتها (والمؤلفة قلوبهم) وكان هؤلاء قوما من الأشراف في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان يعطيهم سهما من الزكاة ليتألفهم به على الاسلام، ويستعين بهم على قتال العدو. ثم اختلف في هذا السهم هل هو ثابت بعد النبي أم لا؟ فقيل: هو ثابت في كل زمان، عن الشافعي، واختاره الجبائي، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام، إلا أنه قال: من شرطه أن يكون هناك إمام عادل يتألفهم على ذلك به.
وقيل: إن ذلك كان خاصا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم سقط بعده، لأن الله سبحانه أعز الاسلام، وقهر الشرك، عن الحسن، والشعبي، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه.
(وفي الرقاب) يعني في فك الرقاب من العتق، وأراد به المكاتبين. وأجاز أصحابنا أن يشترى منه عبد مؤمن، إذا كان في شدة، ويعتق، ويكون ولاؤه لأرباب الزكاة، وهو قول ابن عباس، والحسن، ومالك (والغارمين): وهم الذين ركبتهم الديون في غير معصية ولا إسراف يقضى عنهم الديون (وفي سبيل الله): وهو الجهاد بلا خلاف، ويدخل فيه عند أصحابنا جميع مصالح المسلمين، وهو قول ابن عمر، وعطا، وهو اختيار البلخي، وجعفر بن مبشر، قالوا: يبنى منه المساجد، والقناطر، وغير ذلك (وابن السبيل): وهو المسافر المنقطع به، يعطى من الزكاة وإن كان غنيا في بلده ذا يسار، وإنما سمي ابن السبيل للزومه الطريق، فنسب إليه كما قال الشاعر:
أنا ابن الحرب ربتني وليدا إلى أن شبت واكتهلت لداتي (1)