فلولا الله، والمهر المفدى، * لإبت وأنت غربال الإهاب (1) فجعله غربالا لكثرة الخروق فيه من آثار الطعن، وكذلك قوله: (هو أذن) أجرى على الجملة اسم الجارحة، لما أراد به من كثرة استعماله لها في الإصغاء بها.
ويجوز أن يكون فعلا من أذن يأذن أذنا إذا استمع، ومنه قوله تعالى (وأذنت لربها) أي: استمعت، وقوله (ائذن لي) أي: استمع لي. وفي الحديث: (ما أذن الله لشئ كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن) فعلى هذا يكون معناه: إنه كثير الاستماع مثل أنف وسجح. قال أبو زيد: رجل أذن إذا كان يصدق بكل ما يسمع. وقوله: (أذن خير لكم) بالإضافة وهو الأكثر في القراءة، فمعناه: إنه أذن خير أي: مستمع خير وصلاح لكم، ومصغ إليه لا مستمع شر وفساد.
من قرأ (أذن خير لكم) قال الزجاج: معناه من يستمع منكم فيكون قريبا منكم قابلا للعذر، خير لكم. قال أبو علي: ومن رفع (ورحمة) كان المعنى هو أذن خير لكم، ورحمة، جعله الرحمة لكثرة هذا المعنى فيه، وعلى هذا (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ويجوز أن يقدر حذف المضاف من المصدر. وأما الجر في (رحمة) فعلى العطف على (خير) كأنه أذن خير ورحمة.
فإن قلت فيكون أذن رحمة؟ فإن هذا لا يمتنع، لأن الاذن في معنى مستمع في الأقوال الثلاثة التي تقدمت، فكأنه مستمع رحمة، فجاز هذا كما جاز مستمع خير، ألا ترى أن الرحمة من الخير. فإن قلت: فهلا استغنى بشمول الخير للرحمة وغيرها عن تقدير عطف الرحمة عليه؟ فالقول فيه: إن ذلك لا يمتنع كما لا يمتنع (اقرأ باسم ربك الذي خلق) ثم خص فقال: (خلق الانسان) وإن كان قوله (خلق) يعم الانسان وغيره، فكذلك الرحمة إذا كانت من الخير، لم يمتنع ان تعطف فتخصص الرحمة بالذكر من ضروب الخير لغلبة من ذلك في وصفه كثرته، كما خصص الانسان بالذكر، وإن كان الخلق قد عمه وغيره، والبعد بين الجار وما عطف عليه لا يمنع من العطف، ألا ترى أن من قرأ (وقيله يا رب) إنما يحمله على (وعنده علم الساعة) وعلم قيله.
اللغة: الفرق بين الأحق والأصلح: إن الأحق قد يكون من غير صفات الفعل،